هل المقصود دور مرفأ طرابلس أم هي الصدفة؟
مرسال الترسهل قَدَر مدينة طرابلس عاصمة الشمال اللبناني أن تبقى عنواناً للإرهاب والسلاح الذي يُغلق بوجهها أبواب التنمية والاستقرار والازدهار منذ نصف قرن بالرغم من كل مؤهلاتها الاقتصادية والتجارية؟
فمنذ الحرب التي وصفت بالاهلية في اواسط سبعينيات القرن الماضي والمدينة تعاني من صراعات داخلية بين بعض مناطقها، مروراً باستيعابها لموجات من المتطرفين وصولاً الى شبه تفلت أمني يقض مضاجع أبنائها في كل ليلة وفي العديد من الشوارع، حتى بات الخارج ولاسيما الغرب الأوروبي ان يصدّق أنها "قندهار" شرق المتوسط.
وكل هذه العوامل تجمعت لتُغلق عليها إمكانيات الإنماء المتوازن الذي يتغنى بترداده بعض السياسيين في لبنان مع العلم أن مقوماتها إبتداء من مرفئها ذات المساحات الواسعة والعمق المطلوب عالمياً، الى معرض رشيد كرامي الدولي الذي ابتلعه الصداء وتفتت اسمنته بالرغم من تصنيفه تحت راية التراث العالمي، وصولا الى مطار الرئيس الشهيد رينه معوض في بلدة القليعات العكارية الذي لا يبتعد عنها سوى عدة كيلومترات، وامكانية ربطها بشبكة سكك حديدية تصل الى الأعماق السورية والعربية، ناهيك عن آثارها التي لا تضاهى.
كلها تحولت الى شبه أطلال بسبب سياسات الحكام في لبنان والعديد من بينهم من أبنائها الذين يدّعون أنهم ينتسبون اليها بالهوية وبأرقام تسجيل نفوسهم الراسخة في الأرقام الصغيرة!
فما أن تحاول الفيحاء إلتقاط أنفاسها حتى تأتيها الضربة القاضية من هذه الناحية أو تلك لتعيدها الى النقطة الصفر !
ففي حين يسعى المسؤولون عن الأمن الى تنفيذ خطط أمنية تعيد الاستقرار اليها ليلاً ونهاراً.
شاءت الصدفة مطلع هذا الاسبوع أن تشتعل النار في شاحنة نقل خارجي قرب مدينة البترون، ليتبين وجود مئات المسدسات المهربة بداخلها قيل أنها باتجاه مدينة صيدا الجنوبية. وهي الآتية من المرافئ التركية الى مرفأ طرابلس.
وحين بدأت القوى الأمنية والسلطات الجمركية بتشديد إجراءاتها، وضعت يدها في اليوم التالي على شاحنة أخرى داخل حرم مرفأ طرابلس وصلت عبر باخرة من تركيا على مئات أخرى من المسدسات المهربة.
الأمر الذي طرح العديد من الاسئلة حول عدد الشاحنات التي تهرب مثل هذا السلاح، أو سواه، ومنذ متى؟ الأمر الذي وصم المرفأ الذي يعلّق عليه أبنائها الآمال العراض بأنه قد يفتح الطريق لإيجاد الآف فرص العمل اذا ما استعاد نشاطه أو إذا لعب الدور المنوط به!
فهل هي الصدفة المؤلمة التي تسد الطرق في وجه استعادة مدينة العلم والعلماء لدورها التجاري وكما تخطط لها غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال التي تعمل منذ سنوات لتوسعة الخيارات امام المدينة لكي تكون طرابلس الكبرى التي يستفيد من مشاريعها ليس كل ابناء الشمال وإنما كل لبنان، أم أن خطط كبار المسؤولين في لبنان ستظل مفتوحة أمام العاصمة بيروت ومرافقها قبل أية منطقة أخرى كما حصل لها في تسعينيات القرن الماضي؟