التكتوك في طرابلس : الفقراء يقتنصون الرزق من صحن واحد.
بعجلاتها الثلاثية الصغيرة و هيكلها الحديدي المغطى بكسوة بلاستيكية ملونة تجوب مركبة التكتوك شوارع طرابلس، هذه المركبة التي غزت شوارع المدينة بحيث لا يمر يوم دون ان تصادف توك توك اثناء تجوالك. ففي ظل الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان من ارتفاع أسعار السلع الغذائية و الأدوية و المحروقات و ارتفاع أجرة الراكب في سيارة الأجرة و الباص، ظهر التكتوك كوسيلة نقل جديدة أكثر توفيراً للمواطن . و الطريف في الموضوع التشابه في النطق بين كلمة "توك توك" و الإنتشار الهائل لتطبيق "تيك توك" فترى المواطن يستعمل كلمة تيك توك للإشارة الى التوك توك و العكس صحيح."وجدت ان هذه المهنة مربحة اكثرمن العمل، فالأجر اليومي أقل من المبلغ الذي أجمعه كسائق تكتوك"، يتحدث احمد و هو أحد سائقي التكتوك ويضيف " أغلب مركبات التكتوك التي نراها في الطرقات يتم استئجارها بمبلغ 300 ألف ليرة "
من جانب أخر يشتكي محمد سائق الأجرة من تأثير هذه الظاهرة على عمله : " تأثر عملنا من نواحٍ عديدة أصبحنا لا نجد أماكن لركن سيارة الأجرة في الطرقات جراء الركن المتهور والفوضوي لسائقي التكتوك , غير القيادة المتهورة التي ينتج عنها حوادث كثيرة". ويؤكد :" يبقى للتاكسي ركاّبه فبعض الأهالي يخافون على أولادهم فيلجئون الينا بإعتبار سيارة الأجرة وسيلة أمنة أكثر من التكتوك و هربا من قيادة السائقين المتهورة و جشع السائق أحيانا اذ يسع التكتوك راكبين فيصرّ على صعود ثلاثة ركاب".
لعبد رأي آخر والذي يسلط الضوء على الجانب الإيجابي لهذه الظاهرة قائلاً: "أجرة الركوب في التكتوك أوفر من أجرة الركوب في التاكسي. إذ تكلف من الميناء الى التل-طرابلس ما بين 20 و ١٥ ألف أما سائق التاكسي يطلب ضعف هذا السعر و في ظل هذه الأزمة التي نعاني منها لا خيار أمامنا إلا بإعتماد أرخص وسائل النقل".
بالرغم من إختلاف الأراء بين مؤيد و معارض , بحيث يرى البعض أن التكتوك وسيلة جيدة للتّنقل و بإمكانك الوصول الى أي مكان تريده بتكلفة أقل من كلفة التاكسي و سهل الوصول اليه نظراً لإنتشاره الكثيف في الطرقات بالإضافة لقدرته على تجاوز إحتقانات السير التي تعاني منها شوارع المدينة فبالنسبة لسائق التوكتوك كل الشوارع والأزقة مشرعة امامه سواء كان ذلك وفق وجهة السير القانونية أو عكسر السير, و البعض الأخر يرى أنه وسيلة غير أمنة بحيث يكون بعض السائقين متهورين أثناء القيادة مما يؤدي الى حوادث سير و كان اخرها وقوع حادث سير بين سيارة و تكتوك في عكار حيث سقط التك توك من أعلى الجسر الى ضفاف النهر و أدى الى وفاة المرأة الموجودة بداخله متأثرة بجراحها.
و المفارقة في هذه الظاهرة وفي ظل المنافسة القائمة بين سائق التاكسي وسائق التوكتوك ترى ان الفقراء يتنافسون لإقتناص أرزاق بعضهم في ظل الغياب التام لتنظيم هذه الظاهرة والتي تشهد إنتشار كثيفاً في شوارع المدينة بعد أن كانت بسطات القهوة والخضار هي الملجأ الوحيد لفقراء المدينة الباحثين عن مدخول مالي بإنتظار الحلم الوحيد المتمثل بالهجرة ولحين أن يطال الباحثين من شبان المدينة عن فرص أفضل للعيش والترزق سيبقى فقراء طرابلس يغرفون الرزق من صحن واحد بعيداً عن موائد المصالح الإقتصادية الكبرى وبعيداً عن رعاية الدولة اللبنانية.