لبنان بشعبه ومقاومته.. هكذا ساند أهل غزة
كتَب المُحرّرمنذ العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، في تشرين الأول الماضي، دخل لبنان على خط مساندة الفلسطينيين بالوسائل المتاحة كلها. الدعم بدأ بالمظاهرات التي عمّت مختلف المناطق، الجامعات والمدارس الخاصة والرسمية أقفلت أبوابها مرات عدة، مجلس الوزراء أعلن إقفال الإدارات والمؤسسات كافة في البلاد في كانون الأول حدادًا على شهداء مجزرة المستشفى المعمداني، خطباء المساجد ورجال الدين دعوا لدعم الغزاويين بكل الوسائل. لكن المساندة الأقوى تجلّت في دخول المقاومة على خط المواجهة في الجنوب نصرة لغزة مقدّمةً مئات الشهداء والجرحى.
في الأسبوع الثاني من الحرب، وبعد ارتكاب جيش الاحتلال مجزرة المستشفى المعمداني في حي الزيتون جنوب مدينة غزة في 17 تشرين الأول، والتي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى، نُفذت وقفات احتجاجية وجابت التظاهرات المدن والبلدات اللبنانية التي شملت ممثلون عن الأحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية وشخصيات وفاعليات ورجال دين. كما صدرت دعوات من نقابات ومؤسسات أهلية ومدنية وقطاعات طبية للتوقف عن العمل في الشمال والجنوب والبقاع وبيروت تضامنًا مع أهل غزة.
ومع تزايد هجمات جيش الاحتلال على مدن وقرى القطاع واستهدافه المنشآت المدنية من مراكز إيواء ومستشفيات، وارتكابه أبشع المجازر الوحشية بحق الأطفال والنساء والعجّز، تصاعدت وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات في لبنان، حيث انخرط الطلاب في عدد من الجامعات في الحراك العالمي للتضامن مع غزة، ونظموا تظاهرات ووقفات احتجاجية داخل حرم الجامعات طالبت بوقف العدوان فورًا على القطاع المحاصر، وبإنهاء العقود أو الاتفاقيات أو الرعايات مع أي شركة مُدرجة في قائمة حركة مقاطعة "إسرائيل" "بي دي إس"، وبالرفض القاطع لاستضافة أي مُطبّع أكاديمي أو دبلوماسي. هذا بالإضافة إلى زيادة التركيز على القضية الفلسطينية داخل الصفوف ورفض التعتيم عليها. وتحت شعار موحّد "طلاب، عمال ضد الاحتلال"، نظم الحراك الطلابي وقفاته في عدد من المؤسسات الأكاديمية، من بينها الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية- فرع بيروت، وجامعة بيروت العربية بكل فروعها، والجامعة اللبنانية الدولية في البقاع وبيروت، والجامعة اللبنانية في غالبية فروعها، وغيرها.
مجلس الوزراء اللبناني دخل على خط المساندة أيضًا، إذ أعلن عن إقفال الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات كافة في البلاد في كانون الأول الماضي، ضمن حراك عالمي يدعو لإضراب حول العالم تضامنًا مع غزة والشعب الفلسطيني وأهل القرى الحدودية اللبنانية التي تتعرض لاعتداءات الصهاينة. كما أعلنت نقابة المهندسين في بيروت عن إقفال جميع مراكزها في العاصمة والمناطق في الوقت ذاته.
وبعد وصول مشاهد تدمي القلوب من داخل قطاع غزة، تُظهر هول المجازر بالإضافة الى استشهاد المئات من الجوع والمرض وممن ينتظرون الحصول على المساعدات الغذائية، أطلقت رابطة المرأة الفلسطينية في لبنان حملة "لأنك إنسان"، تهدف إلى "تكريس مبادئ التكافل بين أبناء الأمة ليحمل الجميع الهمّ والقضية، ويوصلون رسالة تفيد بأنهم مع أبناء غزة، ولن يقفوا متفرجين حيال التنكيل والتجويع".
المساندة الفعلية كانت في نصرة المقاومة اللبنانية لغزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي البربري، إذ استهدف المقاومون مواقع وتجمعات وآليات العدو موقعين مئات القتلى والجرحى في صفوف ضباطه وجنوده ومستوطنيه. وللمرة الأولى في تاريخ الكيان الغاصب يهجّر أكثر من مئة ألف مستوطن من مستعمراتهم ولمسافة 7 كلم تحت صواريخ وقذائف المقاومين. فقد أصبح وقع الجبهة الشمالية على الاحتلال مؤلمًا جدًا بحسب اعترافات قادته. ومع كل شهيد كان يرتقي على أرض الوطن يتحوّل موكب تشييعه الى عرس نصر من كل الطوائف، وهذا ما يعبّر عن حجم التفاف الشعب حول المقاومة والقضية الفلسطينية، خاصة أن هذه المواكب عمّت المناطق من الجنوب الى الشمال كافة.
اللبنانيون اللذين عايشوا الإحتلال الإسرائيلي على مدى سنوات وخبروا وحشيته وتجرده من كل القيم الإنسانية، من الطبيعي أن يدافعوا عن أرضهم، ولم يكن مستغربًا عليهم أن يساندوا شعبًا يجاورهم شاهدوا مظلوميته على مدى عقود من الزمن، أرضه سُلبت ومقدساته انتهكت.