جولة يمق على ميقاتي ومولوي: صفحة جديدة أم تقطيع وقت فرضه أمرٌ واقع؟
عبد الكافي الصمدكان لافتاً أمس قيام رئيس بلدية طرابلس رياض يمق بجولة شملت كلاً من وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على التوالي، بعد قطيعة نشأت بين يمق من جهة ومولوي وميقاتي من جهة أخرى منذ الإطاحة به من رئاسة البلدية عام 2022، قبل أن يعود إلى منصبه في شهر شباط الماضي بعد طعن تقدّم به لدى مجلس شورى الدولة.
بعدما تسلّم يمق رئاسة بلدية عاصمة الشّمال عام 2019، خلفاً للرئيس السّابق أحمد قمر الدّين، الذي جرى إسقاطه في منتصف ولاية المجلس البلدي، لم تسر الأمور كما يجب بينه وبين مولوي وميقاتي، كما بينه وبين أغلبية أعضاء المجلس البلدي، خصوصاً بعد أن تم إحراق المبنى البلدي على أيدي محتجين في 28 كانون الثاني من عام 2021 في خضّم حَرَاك 17 تشرين الأول عام 2019، ما أدّى، إضافة إلى عوامل أخرى، إلى إطاحة المجلس البلدي بيمق بعد تمديد ولاية المجالس البلدية للمرّة الأولى عام 2022، وإعادة قمر الدّين رئيساً للبلدية، إلى أن تمّ قبول طعن يمق الذي تقدّم به لدى مجلس شورى الدولة رافضاً إبعاده، ما أعاده رئيساً لبلدية المدينة بعدما ألمّت بقمر الدّين وعكة صحية أبعدته عن ممارسة مهامه، إلى جانب شغور منصب نائب الرئيس بعدما استقال عضو البلدية خالد الولي من منصبه ومغادرته لبنان، ما جعل عودة يمق إلى منصبه أمراً واقعاً، تنفيذا لقرار مجلس شورى الدولة وتجنباً لحلّ البلدية ووضعها بعهدة محافظ الشمال رمزي نهرا، وهو أمر تبيّن أنّ غالبين الطرابلسيين لا يرغبون به.
في الأشهر الأخيرة من ولاية يمق الأولى، وصولاً إلى يوم أمس، إنقطع التواصل كليّاً بينه وبين مولوي وميقاتي، وشهدت الفترة السابقة تراشقاً للإتهامات بين الطرفين على خلفية خلافات سابقة بينهما وتباعد في المواقف والرؤى حول العمل البلدي في عاصمة الشّمال، ورمي كلّ طرف الفشل البلدي على الطرف الآخر، إلى أن فرض الأمر الواقع نفسه وأعاد التواصل بين يمق ومولوي وميقاتي ولو بالحدّ الأدنى، أقله حتى نهاية ولاية المجالس البلدية العام المقبل بعد التمديد الثالث للبلديات أواخر الشّهر الماضي.
أسئلة كثيرة طُرحت في مختلف الأوساط الطرابلسية بعد جولة يمق على مولوي وميقاتي على رأس وفد من أعضاء البلديّة ضمّ كلّاً من: أحمد البدوي، أحمد حمزة الباشا، باسل الحج وباسم بخاش، حول ما أثمرت عنه هذه الجولة من نتائج، وهل فُتحت صفحة جديدة بين الجانبين، وهل ستنعكس إيجاباً على العمل البلدي في بلدية طرابلس وعلى المدينة ككل، وهل أنّ المشاكل والقضايا والملفات العالقة ستجري معالجتها بعد هذه الجولة، وهل ستكون المرحلة المقبلة فترة تعاون فعلي بين بلدية طرابلس ووزارة الداخلية والبلديات ورئاسة الحكومة بعد سنوات من الجفاء والتباعد، أم أنّ الأمور لن تتحسّن إلا شكليّاً، وأنّ الخلافات ستبقى جمراً تحت الرماد، وأنّ الفترة المقبلة لن تكون أكثر من تقطيع وقت إلى أن يحين موعد الإنتخابات البلدية المقبلة؟
لا أجوبة على أيّ من هذه الأسئلة حالياً، وإنْ كان البعض يُعوّل على أن تكون الجولة فاتحة خير لما فيه مصلحة المدينة التي تردت فيها الخدمات البلدية والنشاط الإقتصادي وانفلت الوضع الأمني فيها إلى درجة خطيرة، وأن يُقدّم الجميع مصلحة طرابلس فوق كل ما عداها، ولو بالحدّ الأدنى، بعدما بات التعايش قسراً بين الطرفين أمراً لا مهرب ولا مفرّ منه.
وكان بيان صدر عن البلدية بعد لقاء يمق والوفد المرافق له مع مولوي أشار إلى أنّه طُرح فيه "قضايا وملفات تخصّ طرابلس وبلديتها، والتشديد على ضرورة تسهيل حصول البلدية على سلفة خزينة لتأمين المعاشات والأجور، وتسهيل وصول العائدات المالية من الخليوي".
وبعد لقاء ميقاتي صدر بيان آخر عن البلدية لفت إلى أنه جرى "عرض وضع بلدية طرابلس الحالي وأبرز المشاكل العوائق"، وتم نقاش في "العديد من الملفات الهامة من ترميم مبنى البلدية وشواغر البلدية، وتزفيت طرقات المدينة والواقع الأمني، والتحضير لفعالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024"، وأن ميقاتي "أبدى كلّ تعاون وحرص على دعم البلدية والمدينة في هذه الأزمة وفي هذه الفترة الصعبة التي تعصف بطرابلس وبالبلد أجمع، وقد كلّف أحد المهندسين من قبله في السرايا الحكومي لمتابعة ملفات البلدية والتنسيق مع رئيس البلدية لتذليل كلّ عقبات في مواضيع تخصّ البلدية ووضعه بالصورة لتقديم أيّ مساعدة مطلوبة لحسن سير العمل البلدي في المدينة".