تحالف علم الدينّ القوات لا يقطع الطريق إلى بيت الوسط
لم تُنهِ الخديعة الانتخابيّة علاقة النّائب السّابق عثمان علم الدّين مع الرّئيس سعد الحريري إذ يُظهر من نشر الصّورة الّتي جمعتهما معًا في الرّابع عشر من شباط أنّ تحالفات الضّرورة الانتخابيّة لم تُخرج علم الدّين من عباءة الحريري ما يستدعي إعادة النّظر في تموضع النّائب المنياوي السّابق وفق دلالات اللّقاء الأخير مع الحريري.انتظر علم الدّين ليلة كاملة اتّصال سعد الحريري ليحدّد خياراته الانتخابيّة عقب إعلان التّخلي عنه لصالح النّائب الحالي أحمد هاشم الخير على أساس المفاضلة الماليّة بينهما كما أُشيع في حينه ، إلّا أنّه في هذه الأثناء كان الرّئيس الحريري غارق في محاولة إنقاذ مستقبله السّياسيّ ، ليُعلن لاحقًا علم الدّين التحاقه بلائحة تحالف القّوات ريفي رغم وسمها بأنّها لائحة الانقلاب على الحريري إلّا أنّ المصلحة الانتخابيّة جعلت من هذا الخيار ضرورة لا مفرّ منه للطّرفين ، فالنّائب السّابق علم الدّين أراد خوض المعركة تمسّكًا بإرث والده وشقيقه ، ولائحة ريفي القوّات سعت خلف رافعة شعبيّة تُدرّ الأصوات على اللّائحة وتزيد من حواصلها الانتخابيّة ، ليُثبتَ بالنّتائج نجاح التّوليفة الانتخابيّة ويُخرج كلا الطّرفين بما أراد.
عقب الانتخابات النيابيّة ، استثمر النّائب السّابق علم الدّين القوّة الشّعبيّة الّتي أظهرتها الصّناديق الانتخابيّة في تعزيز موقعه السّياسيّ شاهرًا بوجه خصومه آلاف الأصوات الّتي تكرّم بها على لائحة ريفي القوّات من دون أن يسلب " المستقبل" مقعد المنية وليظهر بعدها في خطاب أمام ماكينته الانتخابيّة وخلفه صورة كل من الرّئيس سعد الحريري والرّئيس الشّهيد رفيق الحريري في إشارة إلى إصراره على التّمسّك بغطاء الحريريّة السّياسيّة.
وفي حين اعتبر بعض المقامرين في المنية السّاعين إلى استحداث مكتب حزبيّ للقوّات اللّبنانيّة في المنطقة أنّ تحالف علم الدّين والقوّات سيعطيهم مساحة أوسع للتّحرّك وغطاء شعبيّ تقدّمه عائلة النّائب علم الدّين بِغية تعزيز تفشّيهم بين أبناء المنية ، إلّا أنّ حسابات الانتخابات لم تنسحب على حسابات السّياسيّين في المنية وبقيت هذه الزّمرة دون أيّ غطاء يُمكِّنها من الانتشار ، فالنّائب السّابق عثمان علم الدّين والّذي أطاح بفعّاليّة منسّقيّة المستقبل خلال ولايته النّيابيّة تحت شعار " الأمر لي ” لم يقع في فخّ كشف المنية أمام زمرة لا تشبه نسيجها وتاريخها.
أمّا فيما خصّ استدعاء النّائب السّابق علم الدّين إلى مخابرات الجيش عقب ظهوره مطلقًا النّار من سلاح حربيّ في إحدى المناسبات الاجتماعيّة وخروجه من هذه المحنة بالتفافة شعبيّة من أبناء المنية على مستوى الحلفاء والخصوم ، فلا يمكن إخراج الشّكر الّذي تقدّم به النّائب السّابق علم الدّين لمعراب من باب اللّياقة كونه أعرف من غيره بواقع العلاقة بين القّوات اللّبنانيّة ومؤسّسة الجيش اللّبناني ، ولعلمه أنّ الضّغط الشّعبيّ والسّياسيّ في المنية على اختلاف مشاربه له أن يُحدِث مُجتمِعًا نتائج أكثر فعّاليّة من تأثير معراب بكثير.
وبالعودة إلى الصّورة المنشورة لزيارة النّائب السّابق علم الدّين إلى الرّئيس الحريري والّتي لا بد من الوقوف على رمزيّتها والنّظر إليها ليس من زاوية لقاء بادر إليه النّائب السّابق علم الدّين بل من زاوية قبول سعد الحريري هذا اللّقاء والتقاط صورة تثبّت حصوله ، في إشارة تُؤكّد أنّ اصطفاف النّائب السّابق علم الدّين مع القّوات اللّبنانيّة هو اصطفاف على القطعة ، وأنّ طريق العودة إلى الحريريّة السّياسيّة ما زال سالكًا أمامه وأنّ الرّئيس الحريري لا يرفضه ، على أن تبقى لكلّ مرحلة حساباتها.