سفير الشمال: لقاءات وزارية مخيّبة وحلولٌ زادت الأزمات تعقيداً.
كتب عبد الكافي الصمدعندما أُعلن صباح أمس عن سلسلة لقاءات سيعقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في السرايا الحكومي الكبير، لمناقشة الوضع الإقتصادي والمالي المنهار مع مسؤولين ووزراء، ذهبت آمال البعض بعيداً في تفاؤلهم إلى حدود توقعهم أنّ إجتماعات السرايا ستسفر بالحدّ الأدنى عن وضع حدّ لهذا الإنهيار، إنْ لم يكن ممكناً في ظل الوضع الراهن معالجته.
لكنّ هذه الآمال سرعان ما تبدّدت بعدما تبيّن من خلال التصريحات التي أدلى بها وزيري الطاقة والمياه وليد فياض والإقتصاد والتجارة أمين سلام، في حين لم يصدر أيّ تصريحات عن وزير المال يوسف خليل أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بأنّ الإجتماعات زادت الطين بِلّة، وفاقمت الوضع سوءاً، ورسمت مستقبلاً قاتماً للبنان في المرحلة المقبلة.
الوزير فياض كشف عن مواهب مميزة لديه في إدارة الشأن العام ومعالجة الأزمات، عندما قال بأنّه “إعتمدنا في تسعيرة المحروقات خياراً يتماشى مع الإستراتيجية التي تضعها الوزارة (إكتشف اللبنانيون أخيراً أنّ هناك إستراتيجية ما للوزارة)، وهي أنّ تبقى التسعيرة للمواطن بالليرة اللبنانية مع تعديلها من أجل أن تعكس سعر صرف الدولار (في السّوق السّوداء طبعاً وليس أيّ سعر رسمي آخر، برغم أنّ من يقول هذا الكلام هو مسؤول رسمي)، لكي لا تخسر المحطات الجعالة” (أيّ أنّ كلّ همّه مصالح شركات إستيراد المحروقات وأصحاب المحطات وليس المواطنين، الذين بدوا أنّهم آخر همّه واهتماماته).
واكتشف فيّاض (يا للهول) أنّه “نخضع لمضاربات وتقلبات في سعر صرف الدولار التي تقوم بها بعض الجهات لا نعرف للأسف من هي” (إذا كان وزير في حكومة تسلّم حقيبة أساسية في حياة المواطنين لا يعرف من يضاربون ويضربون العملة الوطنية، فمن يعلم إذاً؟).
وما كشفه فيّاض من مواهب في إدارة الشّأن العام لم يتأخر زميله وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام في كشفه كذلك، عندما أشار إلى أنه “أعطينا السوبرماركت مهلة حتى يوم الأربعاء المقبل لتطبيق الآلية الجديدة لضبط الأسعار، وهي السماح لهم بتسعير السلع بالدولار (يعني ذلك إلغاء العملة المحلية)، مع اعتماد سعر الصرف الرائج في السّوق”، أيّ السّوق السّوداء أيضاً، موضحاً بعد كلّ ما سبق أنّ “الهدف ليس الدولرة ولكن حماية المستهلك” (إذا لم يكن ذلك دولرة فماذا يكون إذاً).
سلام برّر هذه الخطوة بأنّها من أجل معالجة التضخم. فقال: “التضخّم ليس من خلال إيجاد حلول لضبط هذه الأمور. التضخّم هو أنّ تبقى العملة اللبنانية تحت قناع الدولار الذي يستعمل لشراء وبيع كلّ الإحتياجات” (هذه نظرية جديدة في علم الإقتصاد يفترض تدريسها في كلّ جامعات العالم ومعاهد الإقتصاد، وأن تعتمدها حكومات العالم لمعالجة أزماتها).
لكنّ سلام قال بعد كلّ ذلك أنّه “لن يتم تسعير الدّخان اللبناني والخبز بالدولار ويمكن للمستهلك أن يدفع بالليرة اللبنانية حسب السّعر المعتمد في السّوبر ماركت”.
شكراً معالي الوزير يمكن للبنانيين، بعد اليوم، أن يناموا بطمأنينة وسلام.