نداء الوطن : ثورة غضب على المصارف شمالاً
كتب مايز عبيدبوادرُ فوضى اجتماعية مؤجّلة تلوحُ في الأفق الطرابلسي والشمالي، جرى الإعداد والتحضير لها منذ مدّة بحسب أوساط مطّلعة. ويعزّز من هذه الفوضى الإرتفاع الهائل والصاروخي لسعر الدولار وانحدار الليرة اللبنانية إلى مستويات غير مسبوقة.
أسواق طرابلس افتتحت يومها أمس وعادت دورة العمل إلى المحلات لكنّ الحذر كان مسيطراً على نفوس الناس، بعد تصعيد أمني وقطع طرقات سيطرا على المدينة المكلومة أمس الأول.
فمنذ الصباح الباكر، قصد المواطنون من طرابلس وعكّار ومناطق شمالية أخرى، ماكينات الصرّاف الآلي المنتشرة في شارع المصارف وشوارع أخرى، وسرعان ما تكوّنت الطوابير أمامها وامتدّت. ما هي إلا ساعات قليلة حتى وصل أصداء ما يحصل في العاصمة بيروت إلى العاصمة الثانية طرابلس، لا سيّما إحراق بعض المصارف على يد مجموعة «صرخة المودعين». خشيَ كثيرون من امتداد شرارة الإحتجاج الشعبي إلى طرابلس بعد يوم حامٍ شهدته المدينة وتخلله إطلاق للرصاص وظهور مسلّح، ما خلق حالة من البلبلة والذعر في نفوس الطرابلسيين وزوار المدينة. على الفور سارعت المصارف المُضربة منذ أكثر من أسبوع؛ إلى إقفال صرّافاتها الآلية أيضاً، بينما فضّل زوار المدينة من عكّار مغادرتها قبل إقفال الطرقات وحدوث ما ليس في الحسبان لا سيّما وأنّ الدولار تخطّى عتبة 80 ألف ليرة لبنانية في السوق السوداء، في حين أقفلت بعض المحلات أبوابها وعاد أصحابها أدراجهم إلى المنازل.
وبالفعل، بدأ مسلسل قطع الطرقات ظهراً من البدّاوي حيث تمّ قطع الطريق الذي يربط عكار والمنية بطرابلس عند نقطة الأكومي. وفي مشهد يشبه ما حصل في بيروت نزل عمّال بلديتي طرابلس والميناء واتحاد بلديات الفيحاء إلى الشارع وانتقلوا نحو بنك عوده في شارع عزمي وأضرموا النار على بابه الحديدي المقفل بالإطارات المشتعلة، مطالبين بقبض رواتبهم على سعر صيرفة.
وعزّز الجيش اللبناني من تواجده في النقاط الثابتة له في طرابلس تخوفاً من أي تطوّر أمني أو أي ظهور مسلّح قد تشهده مجدّداً شوارع وأحياء المدينة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الطرابلسي شادي نشابة لـ»نداء الوطن»: «إنّنا في مرحلة حسّاسة على جميع الصعد، وهناك اشتباكٌ سياسي في البلد بعضه ظاهر وبعضه الآخر مبطّن، وهناك بازار سياسي وتقاذف مسؤوليات بين السلطة والمصارف، تظهر بعض نتائجه بوضوح في الشارع».
وأضاف: «المصارف تتحمّل بلا شك جزءاً من المسؤولية في ما وصلت إليه البلد من انهيار، وهي في نفس الوقت لم تتحمّل مسؤوليتها بخصوص أموال المودعين كما لم تحصل عملية محاسبة شفافة، ولذلك تتحمل هي الآن فشّة الخلق وهذا الأمر متوقّع لا سيّما بعد إقفال طويل أيضاً، وما يحصل أمامها يُتوقّع أن يتطور أكثر، والمصارف ربما تكون مرتاحة لهذا المسار التصاعدي بحقّها لأنها تريد الإقفال المتواصل وقد أتتها الحجّة على طبقٍ من فضة».
وختم نشابة: «المصارف والسلطة يشتبكان على حساب حقوق المواطن سواء أكان مودعاً أم موظفاً بينما مسار الأفق السياسي قاتم ومعالمه غير واضحة».
نشير أيضاً إلى أنّ المحلّات التجارية والسوبرماركت عمدت أمس الى دولرة أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية على رفوفها بشكل كامل، وشكا شماليون من ارتفاع هائل في الأسعار في ظل غياب كامل لرقابة وزارة الإقتصاد، فكلّ صاحب سوبرماركت يسعّر بدولاره على هواه.