ماذا بعد التمديد للمجالس البلدية والإختيارية؟
عبد الكافي الصمدقُضي الأمر. بهذه العبارة جرى اختصار النقاش حول التمديد للمجالس البلدية والإختيارية في الجلسة التشريعية التي سيعقدها مجلس النوّاب الخميس في 25 نيسان (إبريل) الجاري، لمناقشة إقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي تقدّم به رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد، والذي ينصّ على تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية عاماً ينتهي في 31 أيّار من العام 2025.
فمنذ أن حدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الأسبوع الماضي، موعد الجلسة، وردّه على الرافضين إقتراح التمديد، وتحديداً القوات اللبنانية وحزب الكتائب فضلاً عن نواب التغيير، بأنّه يرفض أن يفصل محافظتي الجنوب والنبطية عن لبنان، في إشارة منه إلى تمسّك الدّاعين لإجراء هذه الإنتخابات في موعدها في شهر أيّار (مايو) المقبل، مع استثناء المناطق التي تشهد إعتداءات إسرائيلية عليها منذ قرابة 7 أشهر، بدا أنّ الطريق أمام خيار التمديد قد بات سالكاً بلا أيّ عائق.
وتكوّن هذا الإقتناع بعد اصطفاف كتل نيابية وازنة خلف خيار التمديد، من الثنائي حزب الله وحركة أمل، إلى اللقاء الديمقراطي وتيّار المردة وكتلة التوافق الوطني وكتلة الإعتدال الوطني، ونواب مستقلين، قبل أن ينضم التيّار الوطني الحرّ إلى خيار التمديد، الأمر الذي من شأنه أن يؤمّن نصاب الجلسة والموافقة على اقتراح القانون بسهولة تامّة.
وفي حين ظهر السّائرون وراء خيار التمديد بأنّهم واقعيون، لمعرفتهم إستحالة إجراء الإنتخابات المحليّة في ظلّ العدوان الإسرائيلي وعدم جهوزية وزراة الداخلية والبلديات للإشراف على الإنتخابات، تبيّن بأنّ أغلب المعارضين يطلقون مواقف شعبوية وغير منسجمة مع أدائهم السّياسي، إذ في حين أنّهم وافقوا على التمديد لقادة الأجهزة الأمنية تجنباً للفراغ، فإنّهم لم يفعلوا ذلك في الإستحقاق البلدي؛ فضلاً عن أنّ مناطق نفوذهم السّياسي وقواعدهم الشعبية لم تشهد أيّ ترشّح لمناصريهم ومؤيّديهم لهذه الإنتخابات، ما دلّ بوضوح على التناقض الكبير بين أقوالهم وأفعالهم.
حسم أمر التمديد للمجالس البلدية والإختيارية عاماً إضافياً بعد تمديدين سابقين في العامين، 2022 و2023، جعل نتيجة الجلسة التشريعية في حكم المنتهية حتى قبل أن تعقد، ما يجعل القوى السياسية تتطلع إلى ما بعد تمديد ولاية المجالس المحلية، وإلى انعكاسات ذلك على الواقع اللبناني والحياة السياسية فيه.
لعلّ أبرز هذه الإنعكاسات تُرجم بشكل واضح في عودة المياه إلى مجاريها بين الثنائي الشّيعي والتيّار الوطني الحر، واصطفاف التيّار البرتقالي إلى جانب الدّاعين لخيار هذا التمديد، وهو تقارب تُرجم قبل الجلسة التشريعية في انتخابات نقابة مهندسي بيروت، حيث دعم الثنائي الشّيعي والحزب التقدمي الإشتراكي وحلفاءهم مرشّح التيّار الوطني الحرّ فادي حنّا لمنصب النقيب، وتأمين فوزه، ما أعطى إشارة واضحة إلى أنّ التحالف المذكور قادر على حسم أيّ استحقاق يخوضه لصالحه، سواء كان هذا الإستحقاق نقابياً أم تأمين نصاب جلسة تشريعية، أم غير ذلك من الإستحقاقات.
إعادة إحياء هذا التحالف السياسي العريض، مع إنضمام آخرين إليه، طرح سؤالاً بارزاً هو: هل أنّ هذا التحالف سيُعدّ العدّة من أجل خوض الإنتخابات الرئاسية كفريق واحد، وتأمين إيصال مرشّحه إلى كرسي الرئاسة الأولى وإنهاء الفراغ الرئاسي، بعدما تبيّن أنه قادر على تأمين النصاب والفوز معاً؟