المرتضى: الحراك الثقافي الذي تشهدُه طرابلس لا بدَّ له أن يثمرَ ويضيءَ لا عليها فحسب بل على لبنانَ كلِّه
اشار وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى خلال تمثيله رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في رعاية حفل إطلاق الرابطة الثقافية في طرابلس معرض الكتاب السنوي الخمسين في مقرها وسط مدينة طرابلس، الى ان "من حقِّ طرابلس أن يؤرَّخَ لها بأعراس الكتاب التي تقيمُها بلا انقطاع، معارضَ وندواتٍ وملتقياتٍ أدبيةً، وحَراكًا ثقافيًّا يزدحمُ في فضائِها ويفوحُ بأشهى من رحيق ليمونِها المهجَّر".
ولفت الى ان "لعلّي في ذات يوم، أكتبُ تجربتي كوزير انتقل من مقرِّه في العاصمة الأولى إلى طرابلس، ففُتحت أمامه بيوتٌ ومكاتبُ وقلوب، وإذا به يخوض تجربة ولا أروع، مع أهل المدينة المتحمسين بشكلٍ لا نظير له على إعادة رونقها كما يليق بها أن تكون. لكنني أغتنمُ هذه الفرصة لأشهدَ على أن الحراك الثقافي المتنوع الذي تشهدُه طرابلس، على أيدي هيئاتِها ومؤسساتِها كافةً، لا بدَّ له أن يثمرَ ويضيءَ لا عليها فحسب بل على لبنانَ كلِّه. ذلك أن الهمَّ الأول الذي تعانيه الثقافةُ في أي موضعٍ من الأرض، هو أن تصبحَ نهجَ حياةٍ وطبيعة عيش، لا أن تظلَّ أسيرةَ النُّخَب. ساعتذاك فقط يكون الخلاصُ من الأزمات السياسية والاجتماعية والوجودية مهما كانت عميقةً وقاسية. وهذا يلزمُه مبدأن متلازمان: الحرية والوعي معًا. وطرابلس تختزنُهما منذ أعالي تاريخِها".
وأكد أن "ميزةُ طرابلس كما ردَّدْتُ في أكثرَ من مناسبة أنها ما زالت إلى اليوم تحافظُ على ألوانِها المتعددة، المجتمعةِ في بوتقةٍ من فقرٍ أو رخاء. وها أنا الآن أجدد ثقتي بجامعيّةِ هذه المدينة، إن صحَّ التعبير، أي بكونِها حِضْنًا للوطنِ كلِّه، ومثالًا للوحدةِ التي ينبغي لها أن تسود لبنانَ واللبنانيين أجمعين. فكأن الفيحاء يسري في عروق ترابِها ذلك الدورُ الأولُ الذي من أجله أُنشئت: أن تكون موضعَ لقاء ومطرحَ حوار تجتمع فيه من أصقاعِها البعيدة والقريبة، المدنُ الكبرى على شاطئ المتوسط، والناسُ على اختلافهم."
وسأل، "ماذا نفعلُ بطرابلس إذا نجحت لا سمح الله دعواتُ التباعد والانفصال التي يروَّجُ لها في هذه الأيام تحت مسميات عديدة ذات طابع إداريٍّ ظاهرًا وتفتيتٍ كيانيٍّ في العمق؟ بل ماذ تفعلُ هذه المدينةُ بنا، إن نحنُ أقفلنا عليها هواءَ البحرِ وثلجَ الجبل، وماءَ النهر، وأنفاسَ الأرزِ والزيتون والصنوبر والسنديان؟ معرضُ الكتاب في الرابطة الثقافية موسم سنويٌّ يؤرَّخُ به لحقيقة طرابلس، أنها فعلًا صورةُ الوطن البهيةُ، وأمُّ الثقافة ومرضِعتُها، وربيبةُ المكتباتِ وحاضنتُها، ومدينة العلم ودارُ العلماء".