هل يمكن أن تسير إيران على طريق العرقنة؟
مرسال الترسما أشبه اليوم بالأمس البعيد نسبياً، ففي مطلع العام 1991 قام الجيش العراقي بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين بتوجيه عشرات الصواريخ، باتجاه أهداف داخل الكيان إلاسرائيلي، حيث كانت الأهداف تتركز على مدن تل أبيب وميناء حيفا وصحراء النقب، ما اعتبر عملاً غير مسبوق وهلّلت العواصم العربية التي تناصب اسرائيل العداء.
وخلال إثنتي عشر سنة لاحقة راحت العواصم الغربية تدبّر المكائد للنظام لجهة اتهامه بحيازة الاسلحة الكيماوية والانقضاض عليه بقوات مشتركة حيث تم إسقاط النظام بكامل مقوماته. وقيل حينها ان قصف اسرائيل بالصواريخ كان المدماك الأول لإنهيارنظام رئيس حكم بلاده لنحو ثلاثة عقود.
ومنذ اسابيع قصف العدو الاسرائيلي القنصلية الإيرانية داخل العاصمة السورية بمن كان متواجداً بداخلها، فحرّكت طهران مسيراتها وصواريخها باتجاه الأراضي المحتلة بردٍ أولي. قد يُستتبع برد أقوى، كما صرّح مسؤولين كبار فيها اذا ما عمدت تل ابيب الى مواصلة السيناريو.
فهل سيصل المشهد اليوم ليستعيد ما حصل بالأمس؟ مراقبون متابعون رأوا أن ما يحصل حالياً قد يكون مختلفاً جداً عن ما سبق لمعطيات عدة أبرزها:
*إن تل ابيب تتخبط بمعركة مفتوحة منذ ستة أشهر حين انطلقت عملية "طوفان الأقصى" ولم تستطع تسجيل انتصار حتى الآن بالرغم من قدرات حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لا تقارن بما تملكه الجمهورية الاسلامية في ايران.
*إن اميركا التي خسرت نظام الشاه في ايران أواخر سبعينيات القرن الماضي لم تستطع استيعاب النظام الاسلامي في البلاد الذي طوّر نفسه رغم العقوبات القاسية عليه لعقود خلت. لا بل أنه استطاع الوصول الى مقاربة نووية كما تشير العديد من المعطيات.
*في عملية قصف القنصلية الإيرانية وفي عملية رد طهران بدت واشنطن أقرب الى ضبط الإيقاعات، لا بل قيل، إنها عملت على ضبط المسؤولين في تل ابيب كي لا يتهوروا أكثر.
*إن واشنطن أشاحت بنظرها عما كان قائماً في طهران، باعتبارها مستفيدة من كون النظام القائم كان يشكّل "فزاعة" لبعض الأنظمة ولا تعتبره يشكل خطراً على مصالحها برغم كل الاستفزازات التي حصلت بين الطرفين.
*إن واشنطن وطهران على تواصل لا ينقطع منذ سنوات، في أكثر من عاصمة، وحول أكثر من موضوع حسّاس يتعلق بمنطقتي الشرق الأوسط والخليج.ولا يمكن التفريط بهذه العلاقة من أجل الوضع المهتّز لرئيس وزرائ الكيان بنيامين نتنياهو.
واستناداً الى هذه الاشارات وسواها لا يبدو أن الأمور متجهة الى تصعيد قد يجر الى صراعات اقليمية ودولية، تفضّل الكثير من الاطراف البقاء بعيدة عنها. فيما يبدو أن "الزمن الأول قد تحوّل فعلاً"!