الردّ الإيراني على
17 نيسان 2024

الردّ الإيراني على "إسرائيل" يعيد أمل الأمة باقتلاع "بيت العنكبوت"

كتبَ المُحرّر

"يومٌ لم يكن في الحسبان".. هكذا يمكن أن يوصف اليوم التاريخي، في 13 نيسان الحالي، حين ردّت إيران على الإعتداء الإسرائيلي الذي استهدف قنصليتها في دمشق، وأدى الى استشهاد عدد من ضباطها.
إذ منذ تأسيس الكيان الصهيوني، في أيار العام 1948، حافظت "إسرائيل" على هيبة الردع لديها، وبات في مفهوم أي دولة في المنطقة أنها بحال تجرأت وهاجمتها فستتعرض للرّد بالمثل وأقسى. 
هذه القناعة رُسِّخت، بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، والتي خاضها العرب مع الكيان الصهيوني. لكن ما لم يكن بالحسبان يومًا، بعد هذه العقود التي مرّت على هذا الكيان الغاصب، أن تتعرض قواعده العسكرية على أراضي فلسطين المحتلة لضربات إيرانية بالصواريخ البالتسية!.. هذا أجهض أحلامه كلها في تثبيت قواعد الردع وتوازنات القوة في المنطقة، وأعاده الى حجمه الطبيعي وعمّق أزمته الوجودية، لا سيما بعد السابع من تشرين الأول؛ تاريخ عملية "طوفان الأقصى" الخالدة.
بعد حال الإحباط التي عاشتها شعوب المنطقة العربية، بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، في عدم قدرة أنظمتها على الوقوف بوجه أعتى قوة غربية في الشرق الأوسط والمتمثلة بـ"إسرائيل"، أعاد ردّ إيران بعد استهداف قنصليتها في سوريا وقبله رد الحوثيين في اليمن - دعمًا لأهل غزة- "إسرائيل" الى موقعها الحقيقي وهو كيان مؤقت آيل للزوال، وأضاف زخمًا لصمود المقاومة الفلسطينية في معركة "طوفان الاقصى"، ولصمود مواطني غزة.
أعادت عملية "الوعد الصادق" الإيرانية، أيضًا، الأمل الى الشعوب العربية والإسلامية التي رأت في الرد الإيراني ظاهرة تحوّل جديدة أرجع إليها ثقتها بنفسها، في أنها تستطيع الوقوف بوجه جرائم "إسرائيل"، وتردّ لها الصاع صاعَين، ويمكنها اجتثاث مشاريع التسوية سيئة الصيت، وتقتلع حال الرضوخ والخنوع التي شكّلت مسارًا للكثير من الأنظمة العربية التي خانت القضية الفلسطينية، وهادنت العدو الصهيوني واعترفت بكيانه، وسارت بخلاف أهداف الأمة، ووقّعت معه اتفاقيات التطبيع المذلة.

على المقلب الآخر، في داخل الكيان تعمّقت التأثيرات النفسية للرد الإيراني على  المستوطنين الصهانية؛ فزرع في نفوسهم الخوف والقلق، وأقنعهم أنّ جيشهم ليس كما يُوحى لهم؛ أي"الجيش الذي لا يُقهر". كما هشّم الخطوط الحمر، وخلق قواعد اشتباك جديدة بعد أن كان هذا الجيش يتمادى في هجماته على القوات السورية والمستشاريين الإيرانيين في سوريا، فيما كانت طهران تنتهج الصّبر الاستراتيجي. 

في هذا السياق؛ لا بُدّ من التساؤل: كيف حافظت "إسرائيل"، طوال هذه السنوات، على قدرتها الهجومية وتطاولت على المقدسات والعديد من الدول في المنطقة، ولم تتلقَ أي ردّ منها، علمًا أن هناك دولاً عربية وإسلامية لا تقل أهمية عن إيران في قدراتها العسكرية ومكانتها الدولية والإسلامية؟
لقد أثبت الردّ الإيراني أن التخاذل والخوف هما من صنع لـــ"إسرائيل" هذه القدرة الهجوميّة والجرأة في تطاولها على مقدساتنا.. ولو كانت الردود العربية والإسلامية على جرائم هذا الكيان متحققة منذ زمن ما وصلنا إلى هذا الخزي والعار الذي تعيشه الأمة..
الردّ الإيراني يثبت أن الزمن الذي كانت تتطاول فيه "إسرائيل" على كرامات الشعوب الإسلامية، ومعها العربية، قد ولى، وبنى لمرحلة جديدة من المواجهة معها، علّها تدرس خيارتها جيدًا قبل أن تقدم على أي حماقة تجرّها إلى حرب طاحنة تهدد وجودها.
خلاصة القول.. إنّ الردّ الذي قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية أكد أن الشعوب والأنظمة العربية والاسلامية قادرة إذا ما استجمعت إرادتها على التصدّي للكيان الصهيوني وهدم "بيت العنكبوت"، والثأر التاريخي لكل المجازر والارتكابات التي قام بها هذا العدو، ومن خلفه كل داعميه.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen