الأخبار: البلدية تطالب بالإخلاء والسياسيّون يجتمعون إعلامياً | سكّان طرابلس المهدّدون بالتهجير: مصيرنا في رقبتهم
كتب عبد الكافي الصمدبعد مرور نحو 48 ساعة على الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط الجاري، ووصلت ارتداداته إلى لبنان، قامت بلدية طرابلس، بالتعاون مع نقابة المهندسين في الشّمال، بتشكيل لجنة للكشف على مبانٍ متصدّعة ومهدّدة بالانهيار، كان أحدها مبنى الزيلع في منطقة جبل محسن المكوّن من 35 شقة، وطلبت من سكانه «الإخلاء الفوري في غضون 10 أيّام من تاريخ تبلّغ الإنذار، وإلا ستضطر البلدية إلى استعمال الوسائل القانونية»، لكنّ أحداً من قاطني المبنى لم يغادره حتى الآن.
الأمر نفسه تكرّر أول من أمس في منطقة باب التبانة، عندما كشف فريق هندسي تابع للبلدية على مبنيين في المنطقة هما، مبنى الريداني ومبنى المصري، حيث طلبت البلدية من سكان المبنيين الإخلاء فوراً، إلّا أنّ أحداً أيضاً لم يستجب، رغم أنّ تقارير البلدية أشارت إلى «تداعي الأعمدة الأساسية في الطوابق السفلى نتيجة تسرّب المياه الآسنة، ما أدّى إلى ظهور حديد تسليح الأعمدة، إضافة إلى النشّ والتسلّخات في أسقف الطوابق والمخازن والواجهات، ما يؤدّي إلى وجود خطر الانهيار».
عدم إخلاء السّكان بيوتهم في الأبنية المتصدّعة والمهدّدة بالانهيار في منطقة باب التبّانة يعود إلى أنّه «لا يوجد أيّ بديل سكني متاح أمامنا» حسب قول أحدهم لـ«الأخبار» الذي سأل: «إلى أين نذهب ونحن لا نملك القدرة على استئجار بيت جديد، وإذا ذهبنا للإقامة عند أحد أقاربنا فالإقامة ستكون مؤقتة، وماذا سيحصل معنا بعد ذلك، هل هناك من سيؤمّن لنا مسكناً بديلاً؟». ولأن الإجابة معروفة: «سنبقى في بيوتنا حتى لو انهارت فوق رؤوسنا، فذلك أفضل من تشرّدنا».
هذا المشهد القاتم لا يقتصر على مصير سكّان 3 أبنية مهدّدة بالانهيار في المدينة. فخلال الأسبوع الماضي، كشف رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين أنّه «يوجد في المدينة نحو 700 مبنى مهدّد بالانهيار»، لكنّه نفض يده من تحمّل البلدية أيّ مسؤولية حيالها «لأنّ إمكاناتنا ضعيفة»، موضحاً أنّ دور البلدية «يقتصر على إجراء كشف ومسح للأبنية المتصدّعة والمهدّدة، وإبلاغ سكّانها بخلاصة التقارير المرفوعة إلينا من فريق هندسي كلّفته البلدية بهذه المهمة».
ولهذه الغاية، وضعت شرطة البلدية خطّاً ساخناً في تصرّف الأهالي، وأعلنت استعدادها «لتلقي التبليغات بشأن المباني المتصدّعة عبر الواتسآب على الرقم (71897079)، كما طلبت إرسال صور المبنى ورقم العقار وصورة عن هوية مقدّم الشكوى ورقم هاتف للتواصل، ليُرفع بموجبه الطلب إلى دائرة الهندسة في البلدية لإجراء الكشف اللازم».
البلدية طالبت بالإخلاء الفوري إلا أن أحداً لم يغادر مبنى الزيلع في جبل محسن
كلّ هذه الخطوات بدت خجولة وناقصة، وهو ما جرى الردّ عليه في اعتصام نظّمه أهالي أبنية مهدّدة بالانهيار في منطقة باب التبّانة، إذ لم يكتفوا بالطلب من البلدية إجراء مسح وكشف على تلك المباني، إنّما طالبوها أيضاً بمعالجة المشكلة، محمّلين رئيس البلدية مسؤولية حصول أي انهيار «أيّ كارثة ستصيبنا سنضعها في رقبته»، محذّرين من أنّه «لن نسكت إذا انهارت بيوتنا، وسوف ندخل إلى بيت رئيس البلدية وبيوت السّياسيين».
ما سبق كشف أنّ الإجراءات المتّخذة لم تثمر معالجة فعلية للمشكلة، ذلك أنّ مهمّة فريق المسح الهندسي هي الكشف على الأبنية ورفع التقارير، أمّا أعمال الترميم والتأهيل التي تحتاج إلى تمويل فلا تزال غائبة، برغم مبادرات فردية ظهرت في الأيّام الأخيرة تمثّلت في إعلان بعض رجال الأعمال تبرّعهم بصيانة مبنى هنا أو آخر هناك.
وظهر هذا الغياب لمعالجة مشكلة باتت هاجساً في المدينة في اجتماع لنوّاب طرابلس عُقد الخميس الماضي في مكتب النّائب أشرف ريفي، حضره 4 نوّاب فقط من أصل ثمانية، كما غاب عنه أيّ ممثل عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزراء المدينة والهيئة العليا للإغاثة. ورغم أنّ المجتمعين أعلنوا إنشاء صندوق مهمته صيانة وتأهيل وترميم الأبنية المتصدّعة المهدّدة بالانهيار في طرابلس، إلا أنّ التجاوب مع المبادرة كان سلبياً، بعدما بدت إعلامية أكثر من كونها خطّة فعلية استندت إلى دراسات ميدانية، عدا أنّ تأمين التمويل لها ليس متاحاً، استناداً إلى تجارب سابقة مُنيت بالفشل.