إلياس الشدراوي المستريح ذكريات الصوت والحضور
بقلم الإعلامي روبير فرنجيةهذا العنوان تربع على الصفحة الثقافية في صحيفة " الأنوار " بقلمي ( تاريخ الأول من تشرين الأول ١٩٩٩ ) التي أحتجبت عن الصدور في مقالة كتبتها عقب وفاة مطرب الإذاعة اللبنانية الزغرتاوي إلياس الشدراوي .
المقالة كانت كناية عن مقابلة إذاعية أجريتها معه في إذاعة لبنان الحر الموحد من إهدن ضمن برنامج كنت أقدمه وأعده يومذاك إسمه " بين مزدوجين " في ٢٢ / ٩/ ١٩٩١ .
بعد المقابلة صعدنا في سيارة واحدة إلى إهدن وقدمته على ساحة الميدان ، وأحيا سهرة مميزة من ضمن سهرات نجوم زغرتا الزاوية متكئاً على عصا المرض وعلى عصي تاريخه الفني الكبير .
كان معنا في تلك المقابلة إبنيه بول بمرافقة على القانون وإبنه ربيع بمرافقة على الإيقاع .
كان ضيف شرف حفلة ٢٥ آب١٩٩١ وقدم ليلة العمر في مسيرته وليس من ليالي العمر في سيرته فقط .
مرض " الديسك " أبعده عن الحفلات وإحياء السهرات لاسيما أوجاع العنف في العامود الفقري ، لكن طقس إهدن أعاد الروح إليه .
كنا ندردش في مكتب البرامج فسمع الشاعر المبدع جورج يمين ماقاله ، أمسك ورقة وقلماً وكتب بسرعة البديهة لديه ما معناه بأن سهرة الميدان " ردتلي روحي " والبقية معروفة : جينا جينا عالميدان - ع ميدان الغنية - نزلوا عالدبكي الفرسان - والدبكي هدنانية….
صار الليل بنص الليل - من أول هالسهرية - هب الشرقي وصح الليل - ع الغنية الشرقية …( النص نشر في كتاب جورج يمين ويضل القمر ).
أبرز الأغنيات أغنية " لمن كنا بالعشرين " الذي كان مهتماً بها الفنان غسان صليبا وأرسلت له تسجيلها بناءً لطلبه .
كتب هذه الأغنية الشاعر أسعد سابا وفكرتها للمطرب نفسه كما روى لي ،بعد أن سرد له قصة عن شاب عشريني وقع في غرام إبنة ضيعته واكتفى بالحب الصامت.
هاجر وتروح وهي أيضاً وحين عاد من غربته مع أولاده حاولت الحبيبة السابقة التي أصبحت أماً مغازلته غزلاً مباشراً فأجابها : هلق بتقولي عشقتي - كتير عليي تعوقتي -
الشاعر أسعد سابا أعجب بالفكرة وترجمها نصاً جميلاً تشيطن فيه مرات عدة .
الأغنية سجلت في السبعينيات من القرن الماضي .
قال إلياس الشدراوي في تلك المقابلة: بأنه سجل أغنيات لم تنل حقها من الإنتشار ، وبأن زمن الإذاعة اللبنانية كان زمن الذهب وليته يعود .
وكما غنى الشدراوي من كلمات سابا وميشال طعمة وإنطونيوس الحملاوي غنى لشعراء في منطقته: أنطوان القوال وجورج يمين وأسعد السبعلي وسليم فرنجية وسايد يمين وقد رحلوا جميعاً .
سايد يمين نشر ما كتبه الشدراوي في ديوانه " طواحين الشعر " وقد إشتهر منهم كما أذكر: يا أم الجدولة وقومي ديكي .
لجورج يمين غنى اللون الوطني: من قلبي بحب بلادي - بلادي الحرية بلادي / هيك خلقت وهيك ربيت وهيك رح ربي ولادي .
لسليم فرنجية غنى " هالصبية " وللقوال غنى : يا حلواية …
لإبن عيمار أنطونيوس أبو ملحم غنى : حبينا بقولو حب ولرتحنا ما منرتاح أحسن شغلة يا هل القلب ريحني وارمي المفتاح …
حمل عوده في الحوار وغنى : يما يما شو بتريدي ثم يا ظريف الطول ، يا ما نطرنا بقناطرنا ثم أرسل تحية للمغتربين ومن شعر انطانيوس الحملاوي غنى : طول أبني بأرض الغربي - ومن ساعة ما راح - ما كان يعرف يهدي قلبي -
قال بأن كل ما غناه من ألحانه وهو لحن لسواه في مهرجانات إهدن مثل أغنية الفنانة ماري بشارة " يا بحر يا مواج - يا آخدلي حبيبي - تحنن علي وحاج تزيد بقلبي لهيبي ….
كما لحن ما كتبه الشاعر أنطوان القوال لمطربة مهرجانات إهدن أنطوانيت الدويهي " الله معك يا هالبطل يا نور ساطع بالجبل (عاد وقدمها المطرب سركيس رفول في مسرحية لكرم) .
حول أسرة الشدراوي الغنية بالمواهب والتي أعطت الإخراج يعقوب والغناء إلياس قال: اليوم يبرز من العائلة قريبنا غسان الذي يمتلك صوتاً مميزاً في مدرسة وديع الصافي ( تقدم الى برنامج استديو الفن ١٩٩٣ ونال الميدالية الذهبية) .
ثم إستطرد ليخبرني عن أسرته فقال: تعرفت على بول الذي يعزف القانون ويمتلك صوتاً جميلاً وقدم أغنية خاصة كلمات عيسى عيسى وغناها المطرب نبيل عدول " زاد اللزوم " على مقام الحجاز.
بيار يعزف على الكمان بشكل ممتاز وربيع ابنه ربيع عازف بيانو مع الفنانة ماجدة الرومي له في الرصيد اللحني ٢٠٠ عملاً بينهم ابتهالات دينية .
أما إبنتي سوزان ( تقدمت لبرنامج أستديو الفن ) تملك خامة صوتية مميزة أدهشت الحضور يعم الثمانية أعوام وهي تغني لسعاد محمد " أوعدك ".
أغمض الشدراوي عينيه ، إحتضن العود ورفع الريشة وقال: أنا تلميذ مدرسة تحت الجوزة في إهدن علمني الحرف الأستاذ صليبا الجعيتاني .
إهدن هي أدويتي ومعنوياتي وفخري ومسقط رأسي ، ومهرجانات حمينا ذاكرتي، وأولادي فرقتي الموسيقية وأفضل معزوفاتي،
إشارة أخيرة أنني أثناء تفريغ هذه المقابلة المسجلة ( مهندسة الصوت لاميتا سعادة يمين ) كما أشرنا في ٢٣/٩ / ١٩٩١ قدم الزميل الشاعر أنطونيوس أبو ملحم فقرة " وأقفل الدولار وكان السعر يومذاك ٨٩٢-٨٩٣ ليرة لبنانية .
- الإعلامي مروان أبو نصر الدين:
خصّصَ الإعلامي والشاعر مروان أبو نصر الدين ضمن برنامجه " الزمن الجميل " المباشر على الهواء من إذاعة لبنان ومدته ساعتان في حلقة كاملة لمطرب الشمال الأول الياس الشدراوي ــ كما كان يوصف ــ والذي عمل لفترة أربعة عقود متواصلة في إذاعة لبنان كملحن ومطرب، و قدكان ضيف الحلقة إبن الفنان الراحل الموسيقي ربيع الشدراوي، الذي إستعرض على مدى ساعتين محطات والده الفنية وعلاقاته مع الفنانين والشعراء و سفراته وحفلاته وكامل مسيرته الفنية، ومن بين أغنياته العديده تخلل الحلقه في جزئها الأول خمس أغنيات هي: هلق بتقولي عشقتي، يم الجدولي ، قومي دبكي،ناطر منك مكتوب وهالصبيه ، أما في الجزء الثاني من الحلقه فقد بثت سبع أغنيات له وهي: عا دروبنا ، هيهات ، كيف جيت ، عيونك يا زين ، يا ظريف الطول ، يا حلوايه وأغنية من النوع الذي كان وما زال يسمى الغناء البلدي والذي احتل حيزاً مهماً في غناء الشدراوي.
وقد إستهل معد ومقدم البرنامج الزميل مروان أبو نصر الدين الحلقة بالتالي:
ما أجمل أن نتكلم عن رمز أو إسم لمع في أواسط القرن الماضي بحضور أولاده او من هم على صلة به ويعرفونه / ما أجمل أن نستعيد الذكريات والمعلومات والوقائع من شهود على ذاك الزمن / بحكم وجودهم قرب تلك الأسماء والرموز الفنية التي غادرتنا / ما أجمل أن يتكلم الإبن عن أبيه كضيفنا الليله الفنان ربيع وزياد الشدراوي إبن المطرب الراحل إلياس الشدراوي المعروف جداً في أوساط المهتمين والمتابعين للفن الجميل في الزمن الجميل.
إلياس إبراهيم الشدراوي هو مطرب الإذاعة اللبنانية وصاحب أجمل أغاني الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ومنها أغنية لمن كنا بالعشرين او (هلق بتقولي عشقتي ).
هو ملحن ومطرب رافق الكبار وتتلمذ على يد البعض منهم / وترك العديد من الألحان بصوته وصوت نظرائه وابناء جيله ، كما سجل مجموعه مما كنا وما زلنا نسميه الغناء البلدي من العتابا والميجنا وابو الزلف والدلعونا واليادي والروزانا وغيرها .
إلياس الشدراوي من مواليد زغرتا سنة 1933 وقد توفي في 3/9/1999 إثر نوبة قلبية.
عمل في الأذاعه اللبنانيه من العام 1961 وحتى العام 1992 قدم العديد من الأعمال الفنية في لبنان وبلاد الإغتراب تابع دراسته الفنية على يد الموسيقار توفيق الباشا في إذاعة لبنان.
حيث سجل 150 لحناً حتى سنة 1989 منها 143 لحناً للإذاعة اللبنانية .
تزوج الياس الشدراوي سنة 1950 من نهاد فرح التي كانت رفيقته في المهرجانات الفنية وملهمته إلى أن توفيت إثر مرض عضال ، له منها أربعة شباب هم : كمال، بطرس، يوسف، بولس وإبنتان هما : دلال وكاملة .
ثم تزوج في العام 1978 من جمال رحمها وله منها شاب هو ربيع وبنت هي سوزان.