زلزال 6 شباط: غياب المعالجات يضع طرابلس وجوارها على أبواب كارثة
09 شباط 2023

زلزال 6 شباط: غياب المعالجات يضع طرابلس وجوارها على أبواب كارثة

عبد الكافي الصمد

وحدها العناية الإلهية أنقذت لبنان من مصير "أسود" مشابه للمصير الذي لقيته مناطق في سوريا وتركيا، نتيجة الزلزال الهائل الذي ضربها فجر يوم الإثنين الماضي، وخلّف سقوط آلاف الضحايا والجرحى والمصابين، ودماراً واسعاً في الممتلكات لم يسبق أن شهدته من قبل أيّ دولة أخرى في المنطقة نتيجة عوامل طبيعية كالزلزال وما شابه.

ولأنّه حسب المثل الشّائع أنّ "ليس كلّ مرّة تسلم الجرّة"، فإنّ احتمال تعرّض لبنان إلى هزّة أرضية أخرى يبدو وارداً جدّاً، وهو أمرٌ سيؤدي في حال حصوله إلى وقوع كوارث ضخمة سيجعل الكوارث التي نُكبت بها مناطق سوريّة وتركيّة تبدو مزحة أمامها.

أسبابٌ كثيرة يجعل مستقبل مناطق لبنانية عدّة في هذا المجال يبدو قاتماً للغاية في حال تعرّضها لزلزال، وتحديداً طرابلس ومناطق الجوار لها الممتد في المنية والضنّية ونواحي الكورة وزغرتا وصولاً إلى عكّار.

أوّل هذه الأسباب أنّ مباني سكنية كثيرة متوزّعة في هذه المناطق وتكاثرت كالفطر في السّنوات الأخيرة، يغلب عليها طابع العشوائيات والمخالفات العمرانية وتحوّلت مع مرور الزمن إلى أحزمة بؤس، وهي بنيت بشكل فوضوي بلا أيّ دراسات هندسية معتبرة تجعلها قادرة على الصّمود في مواجهة غضب الطبيعة، كالزلازل والفيضانات وغيرها، ما يعني أنّ حصول أيّ هزّة أرضية مقبلة سيجعل كارثة حقيقية تقع في هذه المناطق وتدمّرها بشكل واسع.

ثاني هذه الأسباب أنّ مباني عدّة في طرابلس وجوارها، القريب والبعيد، لم تخضع لأيّ أعمال ترميم وتأهيل منذ سنوات بعيدة، بعضها يعود إلى أيّام الحرب الأهلية قبل أكثر من 30 عاماً، أو بسبب خلافات بين المالكين والمستأجرين، أو لأنّ سكّان هذه المباني غير قادرين مالياً على إصلاح مساكنهم وجعلها قادرة على الصمود فترة أطول.

ثالث هذه الأسباب أنّ أيّ جهة معنية، من البلديات إلى وزارة الأشغال والهيئة العليا للإغاثة وغيرها، لم تتبرع يوماً للتعامل مع هذه الأزمة على أنّها واحدة من أبرز مهامها إن لم تكن أهمها، وأنّ ما تقوم به من كشف خجول على الأبنية المتصدعة، بشكل موسمي وفي المناسبات فقط، وإخطار سكّانها بضرورة إخلائها لأنّها معرّضة للسقوط، هو عمل لا يرفع عن كاهلها مسؤولية مساعدة سكان هذه المباني عبر خطة واضحة المعالم والنتائج، لا أن تكتفي بانتظار وقوع الكارثة ثم لتضرب كفّاً بكفٍ، وتقف على أطلال وأنقاض أبنية وأشلاء.

ما سبق يجب أن يدفع المسؤولين بعد زلزال 6 شباط إلى التعامل مع هذا الواقع بشكل مختلف كليّاً، لأنّ مقاربة المعنيين مع ما حصل بالشّكل نفسه الذي يتعاملون به مع بقية الأزمات التي يعاني منها البلد، بلا تخطيط ولا شفافية ولا محاسبة، يعني أنّ كارثة منتظرة على الأبواب، وأنّ على القاطنين في المناطق الآنفة الذكر إنتظار قدرهم الأسود والإستسلام له،وكأنّه قدرٌ محتوم لا يمكن الفرار منه، بينما يجب أن يحصل العكس.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen