بين طرابلس وجبيل ربح وخسارة!
مرسال الترسفيما اللبنانيون ينتظرون حلحلة في الملف الرئاسي تكون مدخلاً لبدء طي الأزمات التي أرهقت الوطن، لا بل أوصلته الى حد الاختناق. شهدت الساحة اللبنانية في هذا الأسبوع مشهدان مختلفان عكسا نمط تفكير أفرقاء أساسيين سيؤسس لمستقبل هذا الوطن الذي طحنته الحروب، وعجنته الصراعات، وخبزته التباعدات الطائفية والمذهبية.
ففي قضاء جبيل في محافظة جبل لبنان الذي يغلب على سكانه الطابع الماروني، شهد جرده حادثة خطف منسق حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان.
فسارع مناصرو الحزب وكوادره السياسية الى توجيه أصابع الاتهام الى حزب الله بأنه منفذ العملية. الأمر الذي دفع الحريصين على الوطن الى وضع أيديهم على قلوبهم من عمليات انتقامية ضد ابناء الطائفة الشيعية في القضاء مما قد يجر الى فتنة طائفية يعمل على تأجيجها العدو الاسرائيلي بلا هوادة.
وعندما استطاعت الاجهزة الأمنية خلال ساعات معدودات من كشف المنفذين الذين يحملون الجنسية السورية، إنقلب الانتقام على السيارات التي تحمل لوحة سورية ومن فيها، حتى قيل أن جهة عربية فاعلة تدخلت بقوة لدى اصحاب القرار لوقف الهمروجة التحريضية التي يعرف الجميع كيف تبدأ من دون أن يدرك احد كيف تنتهي.
على خط موازٍ وفي إحدى ضواحي مدينة طرابلس كان حزب الله يقيم إفطاراً للإعلاميين تحت عنوان التضامن مع غزة الجريحة. وهو الأمر الذي غاب عنه الحزب منذ عقدين من الزمن إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 وتوجيه الاتهام اولاً الى سورية التي أخرجت جيشها من لبنان في نفس السنة. ومن ثم انتقلت الاتهامات الى حزب الله الذي خسر بيئة داعمة له لم تكن تتوان عن التبرع بالذهب على حواجز "دعم المقاومة".
ومع عودة الحزب الى الظهور العلني ليس في عاصمة الشمال وحسب وإنما في محافظة عكار وبقية الأقضية الشمالية ظهر أكبر برهان لمن يعنيهم الأمر أنه لا يبغي الاساءة الى المدينة وأهلها كما سعت جهات سياسية واعلامية الى تصويره.
فإذا كانت غزة قد أعادت حزب الله الى طرابلس التي كانت عنواناً لدعم العديد من المقاومات من الباب الاعلامي الواسع، فإن حادثة جبيل قد كشفت نوايا الذين يرفعون لواء حماية المسيحيين، ولكنهم عملياً قد دفعوا بهم في العقود الخمسة الماضية الى شفير هاوية الخروج من هذا الوطن الذي فصّله الفرنسي على قياسهم، الى غير رجعة كما حصل في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، حيث لم يبق منهم الاّ الفُتات!