وعي طوفان الأقصى في ميزان الذّاكرة الشّعبية عن صدّام حُسين
06 نيسان 2024

وعي طوفان الأقصى في ميزان الذّاكرة الشّعبية عن صدّام حُسين

كتب المحرر

ليلة السّابع عشر من كانون الثّاني عام 1991 أُطلق ما يُقارب الأربعون صاروخاً من العراق بإتّجاه أهدافٍ إسرائيليةٍ تمتدُّ من حيفا وحتى صحراء النقب.
بالرغمِ من أنّ صدّام حسين حين أمر بشن هذا الهجوم كانت رغبته بالضّغط على الغرب لوقف عمليّة درع الصّحراء الحاصلة بنتيجة غزو دولة الكويت وليس لأمرٍ يتعلق بفلسطينَ نفسها، إلّا أنّ ذلك كان كفيلاً أن يجعل من صدام حسين بطلاً قوميّاً وفاتحاً إسلامياً في عيون عددٍ كبيرٍ من مناصري القضيّة الفلسطينيّة وبقي هذا الإستهداف محلاً للمقارنة بينه وبين سائر الأنظمة العربيّةِ والإسلاميّة وحجّة يُقيّمها من يُقيمون له وزناً في جميع النّقاشات الدّائرة حول تقاعسِ الدّول العربيّة عن آداءِ دورٍ يدفع بإتجاه تحرير فلسطين .

فجرُ السّابع من أكتوبر إنتصرَت فلسطينُ لنفسِها حيثُ إنطلقَ مئاتُ المقاومين قاصدين كسرَ شوكةِ العدو وكسرِ أقفال السّجون وتبييضها.
لتنطلق بعدَها آلةُ الحربِ الإسرائيليّة الخبيرة بسفكِ دماءِ الأبرياء في أكبرِ عمليّة إبادةٍ جماعيّة, مستعينةً لذلك بغطاءٍ من بعض الدّولِ العربيّة ودعمٍ دولي غيرِ مسبوقٍ في المالِ والعتادِ والخبراتِ والمعرفةِ البشريّة، لنشهدَ لأوّلِ مرّةٍ إنقساماً عامودياً دوليّاً يكون جوهره فلسطين فقط ولا شيء غير فلسطين .

مؤشراتُ هذا الإنقسام ظهرت يومَ الثّامن من تشرين الأول حيثُ ألزمت المقاومة اللبنانية نفسَها بنُصرةِ غزّةَ ومساندتِها وعدم تركها  تواجه ألة القتل الدّوليّة وحدها ليُقاربَ عدد عمليّاتِها حتى اليوم ال 1500 عمليّةٍ وتقدم أكثر من 300 شهيدٍ نصرةً لغزّة وعلى طريقِ القدس.
حركةُ أنصارِ الله تصدّرت المشهدَ سريعاً لتكونَ أوّلَ مَن يفرضُ حصاراً على الكيان الصّهيوني، في حين شاركت فصائلُ المقاومة العراقيّة بما يتناسب مع ظروف الدّاخل العراقي.
ليبقى دورُ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران محطّ غموضٍ إلّا أنّ بصماتِ الحرس الثّوري الإيراني واضحةٌ في مسرحِ كلّ عمليةٍ إمتداداً من جنوبِ لبنانَ مروراً بغزةَ والداخلِ المحتل وصولاً حتى البحر  الأحمر.

إستهدافاتٌ يوميّة على كلّ الجبهات أنهكت إسرائيل ومَن معها، آلاف الصّواريخ إستهدفَت إسرائيلَ ومصالحَها ولتخوضَ بذلك أسوءَ كابوسٍ يطال وجودها الكياني، أمّا من سيخرج منتصراً في هذه الحرب فهي غزّة وأهلها من دونِ منازعٍ, إذ أنّ النّصر قد تحقّق في السّابع من تشرين الأول وسيتضاعف في اللحظة التي يقفُ فيها طفلٌ فلسطينيٌ على أنقاضِ منزلِه رافعاً يدَهُ بإشارةِ النّصر ولتكونَ عمليّة تبادل الأسرى الجارية بعد ذلك عبارةً عن نصرٍ جديدٍ  بحدِّ ذاته.

صدّام حسين كان سبباً في كثير من مصائب المنطقة  ليس أقلُّها أن كان سبباً ومبرّراً للتّواجد الأمريكي في منطقة الخليج العربي وليس أكثرُها  المجازر التي خلّفت مئاتِ الآلاف من القتلى  ينتمون لجميع مكوّنات المجتمع العراقي، إلّا أنّ الذّاكرة الشعبيّة لدى العوام تحكي عنه روايةً واحدةً أنّه الرئيسُ العربيُّ الوحيد الذي تجرّأ على ضربِ إسرائيل وتتجاهل آلاف المصائب التي أحدثَها.
الآن وعلى إمتداد جغرافيا الصّراعِ مع الكيان الصّهيوني تٌصنع ذاكرةٌ مشرِّفةٌ جوهرُها فلسطين وأصلُها فلسطين ولا شيء فيها غيرَ فلسطين سيكونُ على ذاكرتِنا واجبُ حفظها وتبيينها وترسيخها في عقولنا وعقول أجيالٍ كثيرةٍ ستأتي بعدَنا.
إنّ لساعةِ إعلانِ الإنتصار إباءٌ كثر إلّا أنّ حفظَه وتبيينه لا يجب أن يبقى يتيماً وعلى كلّ فردٍ واجبُ أن يبدأ ذاتياً بغسلِ أفكارِه من كلّ ما شابها نتيجة الحملات الغربيّة  الهادفة الى تشويهِ صورةِ حركات المقاومة.
فمَن لم يقدر على نُصرة فلسطين بنفسِه ومالِه فلينصرها بذاكرتِهِ وذاكرةِ أبناءِه وذلك أضعفُ الإيمان.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen