خطّة أمنية جديدة لطرابلس: أفضل من سابقاتها أم تلقى المصير نفسه
عبد الكافي الصمدبعد مرور 20 يوماً على شهر رمضان المبارك، وإثر سلسلة حوادث القتل والإعتداء والسّرقة والسّلب والنهب والفلتان الأمني في مدينة طرابلس وجوارها ومناطق شمالية مختلفة، وفي أعقاب مناشدات واتهامات لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسّام مولوي بالتقصير في معالجة الفوضى الأمنية في مدينتهما وعدّة مناطق شمالية أخرى، بادر وزير الداخلية، ولو متأخراً، بالإعلان عن بدء تنفيذ خطّة أمنية لضبط الوضع في طرابلس.
يوم الأحد الماضي، في 31 آذار (مارس) الفائت، خرج مولوي على الإعلام ببيان أعلن فيه البدء بمباشرة تنفيذ خطّة أمنية في مدينة طرابلس، موضحاً أنّ الخطّة قد بدأ العمل بها في اليوم السّابق، من غير أن يكشف الأسباب التي دفعته للإعلان عن تنفيذ هذه الخطّة بعد تأخير إستمر منذ بدء شهر رمضان، حيث كانت شوارع وأسواق عدّة في عاصمة الشّمال وجوارها تشهد يومياً حوادث وإشكالات يرافقها إطلاق نار من أسلحة حربية، كانت أحياناً هذه الإشكالات تتحوّل إلى معارك يجري تبادل الرصاص خلالها على نطاق واسع ولمدة زمنية طويلة، ويجري خلالها إحراق محال تجارية وبسطات وسيّارات واعتداءات على أملاك خاصّة وعامّة، كانت تؤدي في كلّ مرّة إلى هروب المتسوقين من أسواق المدينة التي كانت تعجّ بهم، وتعكّر الأجواء الرمضانية التي تزدهر طرابلس فيها عادة في أوقات الليل وحتى ساعات الفجر، وترتد سلباً على الحركة التجارية في الأسواق التي كانت تنتظر شهر رمضان لانتعاشها قليلاً بعد ركود عاشته طيلة أشهر السّنة.
الإتهامات بالتقصير الموجّهة إلى ميقاتي ومولوي ليست جديدة، ولا بنت ساعتها، فمنذ سنوات تشهد طرابلس فلتاناً أمنياً يتسع نطاقه شهراً بعد آخر، بشكل جعل المدينة تتحوّل في ساعات المساء إلى أشبه بمدينة أشباح وكأنّها تشهد حظراً للتجوّل، يترافق ذلك مع إنقطاع تامٍ للتيّار الكهربائي ما يجعل العتمة تخيّم على أغلب شوارع وأحياء المدينة، ما جعل حكومة ميقاتي ووزير داخليتها مولوي يعلنان، كلّ بضعة أشهر، عن بدء تنفيذ خطة أمنية في طرابلس "غب الطلب"، لا تلبث أن يتبين أنّها مجرد حبرٍ على ورق، وأنّ الفلتان الأمني سرعان ما يعود إلى سابق عهده، وكأنّه ما من خطّة أمنية أعلنت، ولا خطّة أمنية جرى البدء بتنفيذها.
غير أنّ الإتهام بالتقصير لا يقتصر على ميقاتي ومولوي فقط، وإنْ كانا يتحمّلان الجزء الأكبر من مسؤولية الفلتان الأمني في طرابلس نتيجة عدم معالجتهما له على نحو جدّي وحاسم، والضرب بيد من حديد كلّ من تسوّل نفسه ضرب الإستقرار الأمني الهشّ في المدينة، ذلك أنّ نوّاب المدينة وقياداتها ومرجعياتها السّياسية والأمنية يتحمّلون أيضاً مسؤولية ما آلت إليه طرابلس من تسيّب أمني، لأنّهم لا يتردّدون في ممارسة ضغوط لمنع توقيف وملاحقة المتسبّبين بالفوضى الأمنية، أو التدخّل لإطلاق سراحهم بعد أن يتم توقيفهم لأنّهم محسوبين عليهم، ما يجعل هؤلاء ـ وأغلبهم من الزعران وأصحاب السوابق ـ لا يتردّدون في التسبّب بإشكالات أخرى، بعد خروجهم من "شبّاك" أماكن الحجز بعد دخولهم إليها من "الباب".
كلّ ذلك يجعل مصداقية الخطّة الأمنية الجديدة على المحكّ، والتساؤل عن مصيرها وهل ستتحوّل إلى خطّة فاشلة وتلقى مصير سابقاتها، أم أنّ هذه الخطة ستجعل مدينة طرابلس تعيش إستقراراً أمنياً مقبولاً في الأيّام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، تنتعش خلالها أسواقها ومرافقها الإقتصادية والتجارية والخدماتية والترفيهية.
وكان مولوي أعلن في بيانه أنّ "الوحدات التابعة لقوى الأمن الداخلي باشرت تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس، فانطلقت الدوريات الأمنية لوحدة الدرك الإقليمي في الشّمال وأقيمت الحواجز المتنقلة والتمركزات الظرفية في شوارع طرابلس، لا سيما داخل الأسواق التجارية، كذلك سيّرت وحدة القوى السيّارة دوريات وأقامت حواجز بالقوة اللازمة لقمع جرائم إطلاق النار وتوقيف المتورطين وتسليمهم إلى القطعة المعنية لإجراء المقتضى القانوني، فيما عملت قيادة منطقة الشمال الإقليمية ومفرزة الإستقصاء في وحدة الدرك الإقليمي، الشرطة القضائية، شعبة المعلومات ومفرزة الإستقصاء المركزية في جهاز أمن السفارات على تكثيف الجهد الإستعلامي وجمع المعلومات حول مطلقي النار والعمل على توقيفهم. ويجري التعاون والتنسيق مع الجيش والمديرية العامة لأمن الدولة".