طرابلس في السّرايا: كلامٌ كثير وفعلٌ قليل
عبد الكافي الصمد
لم يكن الإجتماع الذي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الجمعة الماضي، مع فاعليات طرابلسية تقدمهم مفتي طرابلس والشّمال الشيخ محمد إمام وراعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف والنائبان جميل عبّود وإيلي خوري وآخرين، الأوّل من نوعه الذي يعقده ميقاتي مع فاعليات مدينته لبحث همومها ومناقشتها معهم، والأرجح أنّه لن يكون الأخير.
فمنذ تأليفه الحكومة للمرّة الثالثة في تاريخه السّياسي بعد تكليفه تشكيلها في 10 أيلول 2021، وتجديد تكليفه تأليفها للمرّة الرابعة في 23 حزيران 2022 بعد الإنتخابات النّيابية التي جرت في 15 أيّار من العام نفسه، ولم يتمكّن من تأليفها حتى الآن لأسباب مختلفة، زار ميقاتي مسقط رأسه مرّات محدودة تقلّ عن عدد أصابع اليد الواحدة، كان بعضها خاطفاً، برغم دعوات ونصائح وُجّهت إليه لزيارة المدينة واستطلاع أحوالها وإيلائها بعض اهتمامه، لمساعدتها في الخروج من دوّامة الحرمان والإهمال والفقر، غير أنّه لم يفعل عوضاً عن ذلك، إكتفى ميقاتي طيلة تلك المدة باستقبال وفود وشخصيات من مدينته ومناطق شمالية مختلفة، كانت تزوره في مقرّ الرئاسة الثالثة، وكان يناقش معهم قضاياها ومشاريعها ومشاكلها، إلّا أنّ الآثار الإيجابية لهذه اللقاءات بقيت خجولة، ولم تكن على قدر الآمال المعقودة عليها.
إنتظر الطرابلسيون والشّماليون الكثير من ميقاتي أملاً في تحقيق قدراً مقبولاً من الإنماء المتوازن بما يردم الهوّة بين طرابلس والشّمال ـ تحديداً في مدينته والمنية والضنّية وعكّارـ مع مناطق لبنانية أخرى، لكنّ هذه الآمال ذهبت أدراج الرّياح، وخيّم الإحباط عليهم بدل التفاؤل الذي عقدوه بعد عودة رئاسة الحكومة إلى طرابلس.
إحدى خيبات الأمل تمثلت في أنّ شركة "نور الفيحاء" التي أسّسها ميقاتي لإنارة طرابلس وجوارها 24 / 24 لم تبصر النّور. وإذا كانت حجّته سابقاً أنّه لم يستطع الحصول على ضوء أخضر لمباشرة الشّركة عملها بسبب رفض رئيس الجمهورية السّابق ميشال عون ورئيس التيّار الوطني الحرّ النّائب جبران باسيل التجاوب معه، فما الذي يمنعه أن يدفع مشروعه قدماً بعدما بات يمتلك اليوم صلاحيتين: صلاحية رئاسة الحكومة وصلاحية رئاسة الجمهورية، وبعدما لم يعد عون وباسيل يقبضان على "عنق" الحكومة، بدل ترك مدينته وأهلها فريسة أصحاب مولّدات الإشتراك الخاصّة، الذين ما يزالون يرفضون حتى اليوم الإلتزام بالتسعيرة التي تصدرها وزارة الطّاقة شهرياً.
ثاني خيبات الأمل أنّ وزارة الدّاخلية التي يتولى حقيبتها إبن طرابلس بسّام مولوي، المقرّب من ميقاتي، لم تؤمّن حدّاً أدنى من الإستقرار الأمني في المدينة، برغم خطّة أمنية بدأت تنفيذها في 12 كانون الأوّل الماضي، إذ بدا الإنفلات الأمني في طرابلس وكأنّه ما من خطّة أمنية تُنفّذ فيها ولا من يحزنون.
ثالث خيبات الأمل أنّ الهيئة العليا للإغاثة التي يرأسها إبن المنية اللواء محمد خير، وهي إحدى المؤسسات التابعة مباشرة لرئاسة الحكومة، ولديها إمكانات تفوق وزارات، لم يُكلّفها ميقاتي تنفيذ مشاريع في طرابلس والشّمال تعوّض غياب وزارات الخدمات عنها.
هذه الخيبات لدى الطرابلسيين والشّماليين جعل لسان حالهم يقول: نحتاج إلى كلامٍ قليل وفعلٍ كثير يا دولة الرئيس.