بعد مرور 1048عاماً على تأسيسه .. تعرف على نشأت وتاريخ الجامع الأزهر
منوّعاتاحتفلت مصر بذكرى مرور 1084 عامًا هجريًّا على تأسيس الجامع الأزهر، والتي توافق السابع من شهر رمضان من كل عام، وذلك بحضور كوكبة من كبار علماء وقيادات الأزهر الشريف.
واحتفى شيخ الأزهر، “الإمام الأكبر”، الدكتور أحمد الطيب بالمناسبة في تدوينة له على الموقع الرسمي قال فيها: “يحل علينا اليوم السابع من رمضان، لنتذكر معه تاريخًا طويلًا من العلم والفكر والثقافة والرشد، أمدنا به، ذلكم الصرح العظيم الخالد، والمحراب التليد العامر، الذي أوشك أن يقارب عمره المائة بعد الألف.
وذكّر أن أول صلاة جمعة أقيمت في الجامع الأزهر عام 361 للهجرة، مؤكداً أنه “منذ ذلك التاريخ يتسنم الأزهرُ مكانته اللائقة به؛ منارة للثقافة، ومنهلًا للعلماء وطلاب العلم والباحثين، ومقصدًا للدارسين من كل بقاع الأرض”، وختم: “اللهم احفظ الأزهر الشريف وزده حفظا وتشريفًا وبارك في علمائه وأبنائه”.
نشأة الأزهر
أنشئ الجامع الأزهر، على يد جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في 24 جمادي الأولى 359هـ/ 4 نيسان/أبريل 970م أي بعد عام من تأسيس مدينة القاهرة.
استغرق بناؤه ما يقرب من 27 شهرًا، حيث افتُتِح للصلاة في يوم الجمعة 7 رمضان 361هـ الموافق 21 حزيران/ يونيو 972م.
أُطلق عليه اسم “الجامع الأزهر” نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء إبنة النبي محمد وزوجة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه التي ينتسب إليها الفاطميون على أرجح الأقوال.
بعد زوال دولة الفاطميين على يد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي في الثالث من المحرم 567هـ/ 11 أيلول/سبتمبر1171م، توقفت صلاة الجمعة في الجامع الأزهر، وأنشئت عدة مدارس سُنِيَّة لتنافسه في رسالته العلمية للقضاء على المذهب الشيعي في مصر، وانتهت بذلك علاقة “الجامع الأزهر” بالمذهب الشيعي.
وقد شهد الجامع الأزهر تحولًا كبيرًا في ظل الحكم المملوكي (648 ـ 923ه/ 1250 ـ 1517م)، فأعيدت فيه صلاة الجمعة في عام 665هـ/ 1267م، وسرعان ما اتجه السلاطين المماليك للعودة بـ”الأزهر” إلى نشاطه العلمي.
أصبح “الأزهر”، منذ ذلك، الوقت المركز الرئيس للدراسات السُنيَّة في مصر والعالم الإسلامي، لاسيما بعد سقوط بغداد في الشرق، وتصدع الحكم الإسلامي في الأندلس وشمالي أفريقيا.
وأصبح “الأزهر” بمثابة “الجامعة الإسلامية” الكبرى التي يقصدها طلبة العلم من كل فج عميق، وأصبح مقصدًا لعلماء العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها.
ولم يعرف الأزهر منصب شيخ الأزهر إلا في العهد العثماني، إذ لم يجر النظام على تعيين شيخ له، تعيينًا رسميًا، وكان المعروف أن للأزهر ناظرًا يتولى شئونه المالية والإدارية ولا علاقة له بالنواحي العلمية، وهذا المنصب أنشئ في العصر المملوكي وكان هذا الناظر يرأس الجهاز الإداري للجامع من الموظفين والخدم. ويكاد يجمع المؤرخون على أن أول من تقلد المشيخة في تاريخ الأزهر هو الشيخ “محمد بن عبد الله الخرشي المالكي” المتوفى سنة (1101 هـ = 1690م)، ثم توالى شيوخ الجامع الأزهر حتى يومنا هذا.
كثُرت العلوم التي كانت تدرس بالجامع الأزهر في ذلك العصر وتنوعت إلى دراسة فروع العلوم العَقَديَّة والشرعية والعربية والعقلية، فضلًا عن دراسة علم التاريخ وتقويم البلدان وغيرها من العلوم.
تم إنشاء ثلاث مدارس وإلحاقها بالجامع الأزهر وهي: ( الطيبرسية، الآقبغاوية، الجوهرية)، ورتبت فيها الدروس مما أدى إلى إثراء الحركة العلمية بالجامع الأزهر.
كان من أهم ما يميز “الأزهر” في العصر المملوكي هو نشأة مساكن للطلبة الوافدين والمصريين فيه وعرفت بـ”الأروقة”.
وخلال الحملة الفرنسية على مصر كان الأزهر مركزاً للمقاومة، وهكذا ظلت تخيم أزمة عدم الثقة بين الأزهر وسلطات الاحتلال الفرنسي حتى آخر أيامه ورحيله عن البلاد.
قام الأزهر الشريف بدور وطني كبير ضد الاحتلال طوال تاريخه، وقاد المقاومة الشعبية ضد الحملة الفرنسية 1798 بقيادة نابليون بونابرت، وفى رحابه خطط علماؤه لثورة القاهرة الأولى وتنادوا إليها، وتحملوا ويلاتها وامتهنت حرمته. وفى أعقاب ثورة القاهرة الثانية تعرض كبار علماء الأزهر لأقسى أنواع التعذيب والألم، وفرضت عليهم الغرامات الفادحة، وبيعت ممتلكاتهم وحلي زوجاتهم الذهبية استيفاء لها.
وبينما كان الاحتلال الفرنسي يلفظ أنفاسه الأخيرة، صدرت الأوامر باعتقال شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي
وأمر الفرنسيون بإغلاق الجامع الأزهر حتى تم طردهم في 1801. ونجح الطالب الأزهري السوري سليمان الحلبي في اغتيال “كليبر” خليفة بونابرت في قيادة جيش الاحتلال الفرنسي.
كما قاوم شيوخ الأزهر وطلابه الاحتلال البريطاني، وكان علماؤه وشيوخه في طليعة الثورات المصرية طوال القرنين الأخيرين، ابتداء من عهد محمد علي، ومروراً بثورة أحمد عرابي – الذي هو أحد طلاب الأزهر- للتصدي للاحتلال البريطاني، والاشتراك في ثورة 1919، ثم ضد الحركة الصهيونية بعد ذلك.
ومن أشهر العلماء الذين ارتبطت أسماؤهم بالأزهر: ابن خلدون، وابن حجر العسقلاني، والسخاوي، وابن تغري بردي، والقلقشندي، وغيرهم من العلماء.