بعد 20 عاما على اعتماده في فرنسا... قانون العلمانية في المدارس ما زال موضع تساؤل
16 آذار 2024

بعد 20 عاما على اعتماده في فرنسا... قانون العلمانية في المدارس ما زال موضع تساؤل

منوعات

في 15 آذار 2004، أدرج حظر وضع العلامات أو ارتداء الملابس التي تظهر الانتماء الديني في المدارس في القانون الفرنسي لتوضيح مسألة العلمانية، لكن المشهد ما زال ضبابيا بعد 20 عاما.

برزت هذه المسألة في 1989 مع قضية كريي في ضاحية باريس، إثر استبعاد ثلاث فتيات من المدرسة لوضعهن الحجاب، ما أثار جدلا محموما في الأوساط الفرنسية حول العلمانية.

وبعد سنوات من المحاولات، كلّف الرئيس جاك شيراك لجنة من الحكماء بالملفّ صيف العام 2003. وأوصت هذه الأخيرة بسنّ قانون في هذا الخصوص يحظر "وضع علامات أو ارتداء ملابس يظهر التلاميذ من خلالها جهارا انتماءهم الديني"، من قبيل الأحجبة والصلبان والقلانس.

وبعد 20 عاما، "حقّق القانون المراد منه من الناحية الكمّية البحتة"، بحسب إسماعيل فرحات المتخصّص في العلمانية والأستاذ المحاضر في جامعة نانتر (ضاحية باريس) الذي يؤكّد أن "انتهاكات مبدأ العلمانية المرتبطة بارتداء الملابس تبقى محدودة نسبيا".

وهذا هو الانطباع السائد لدى عدّة مدراء مدارس. ويقول كامل أيت بو علي مدير المجمّع الدراسي بول بيرت في باريس والمسؤول النقابي "هناك ما قبل قانون آذار 2004 وما بعده".

ويكشف أن "الطاقم الإداري في المدارس كان عليه أن يحلّ مسائل مرتبطة بوضع الحجاب كلّ يوم تقريبا".

ويؤّكد كامل أيت بو علي الذي عمل مديرا لإحدى المدارس في منطقة سين-سان-دوني (ضاحية باريس) أن "قانون 2004 وضّح الصورة"، حتّى وإن "كانت بعض التلميذات لا يخلعن الحجاب إلا على مقربة بسيطة من المؤسسة بشيء من الاستفزاز، غير أن الوضع لم يعد مثل سابق عهده".

- "لا غنى عنه" -
وتقرّ فلورانس ديلانوي مديرة مدرسة مونتيبيلو في ليل (الشمال) بأن "القانون كان لا غنى عنه في تلك الفترة ليسمح لنا باستعادة شيء من السكينة"، مشيرة "وكان لنا ذلك".

وترى أنّ قرار حظر ارتداء العباءة قبل انطلاق الموسم الدراسي 2023 الذي أصدره وزير التعليم وقتذاك غابرييل أتال "أراح أيضا" في ظلّ محاولات تحايل "كان نطاقها يتسع نسبيا".

وشكّل تزايد العباءات في المؤسسات التعليمية اعتبارا من ربيع العام 2022 "محاولة واسعة للإطاحة بقانون 2004"، بحسب يانيس رودير مدير مرصد التعليم في مؤسسة جان-جوريس الذي يعتبر أن قرار أتال "وضع حدّا" لتلك المحاولات.

غير أن هذا القانون يبقى، وإن طُبّق، غير مفهوم أحيانا وغالبا ما تكون العلمانية في المدارس على المحكّ.

ويرى غابرييل أتال الذي بات اليوم رئيسا للوزراء أن العلمانية في المدارس "مهدّدة"... "واليوم أكثر من أيّ وقت مضى على الأرجح" خصوصا مع "ارتفاع عدد بلاغات الاعتراض على التعليم".

- "معنى العلمانية" -
وقد أظهرت دراسات حديثة أن الشباب المسلمين الفرنسيين ينظرون بعين الريبة إلى مبدأ العلمانية.

وبالنسبة إلى الباحث إسماعيل فرحات، "تتقاطع خلاصات الدراسات والاستطلاعات لتظهر" أن الشباب هم "من الأكثر مناوأة أو الأقلّ تأييدا لقانون 2004" مع "رفض أقوى بكثير" في أوساط "شباب الأحياء الشعبية والمدارس المهنية وذوي الثقافة الإسلامية".

وهؤلاء هم في غالب الأحيان من عانوا "التجربة الأكثر سلبية في المدرسة"، وهي ظاهرة "تنعكس على مسألة العلمانية"، إذ يعتبر "قسم من المسلمين أنه دوما عرضة للوصم وللاستهداف"، بحسب فرحات.

وتقول شهد (17 عاما)، وهي طالبة في المرحلة الثانوية في سين-سان-دوني "نقبل القانون غصبا عنا"، معتبرة أنه "من المجحف" أن تزيل حجابها عندما ترى حولها "بعض الفتيات اللواتي يضعن صلبانا".

وتكشف زميلتها حكمة "أشعر بأني منبوذة. وأنا لا أدرك معنى العلمانية. فهي تنطبق على المحجّبات فحسب".

ومنذ البداية، "نظر بعض المسلمين إلى القانون على أنه مناوئ لديانتهم. وما زالت الحال كذلك اليوم بالنسبة إلى هؤلاء"، على حدّ قول سامية لانغار المسؤولة عن مبدأ العلمانية في جامعة ليون 2 في وسط فرنسا الشرقي.

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen