من يستهدف مرفأ طرابلس؟
عبد الكافي الصمدقبل أيّام، وبشكل بدا لافتاً، نظّم محتجّون إعتصاماً أمام منشآت نفط طرابلس الكائنة في البداوي، إحتجاجاً على ما وصفوه وجود مواد كيماوية خطرة قابلة للإشتعال والإنفجار داخل المنشآت، ما من شأنه أنْ يُشكّل خطراً على السّلامة العامّة سواء بالنسبة للعاملين في المنشآت أو لسكّان المناطق المجاورة لها، بشكل أثار مخاوف عديدين من أن تكون المواد الموجودة داخل المنشآت مماثلة لتلك التي كانت موجودة في مرفأ بيروت وأدّت إلى الإنفجار الضخم فيه في 4 آب عام 2020، سقوط 220 ضحية وأكثر من 6 آلاف جريح، فضلاً عن تدمير واسع طال مرافق المرفأ وجواره.
وبعيداً حول إذا ما كان الإحتجاج مؤكّدا أم يدخل في إطار الصراع حول المنشآت الدائر منذ فترة، وأدّى إلى إغلاقها بقرار قضائي بعد اتهامات بالفساد داخلها، إعتبره البعض قراراً قضائياً مسيساً، فقد كان لافتاً أنْ يُزجّ مرفأ طرابلس في القضية، بعدما نقلت جريدة "الأنباء" الكويتية، الأربعاء 13 آذار (مارس) الجاري عن مصدر رسمي توضيحه أنّ النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار تحرّك بسرعة وسطّر إستبانة قضائية، بعد تلقيه معلومات تفيد بأنّ "هناك مواد مشتعلة عبارة عن نيترات أمونيوم مخزّنة داخل حرم مرفأ طرابلس"، بعدما قال إنّ "جزءاً من هذه المواد ملقى بشكل عشوائي في منشآت طرابلس النفطية".
هذه المعلومات دفعت إدارة مرفأ طرابلس إلى الرّدّ موضحة أنّ "هذه المعلومات غير صحيحة، ولم يتم نقل أو استقبال أيّ مواد خطرة في المرفأ المذكور لا قبل الإنفجار (في مرفأ بيروت) ولا بعده، ولا يوجد أيّة أسمدة زراعية مخزّنة في المرفأ أيضاً، وهذا الكلام عار من الصحّة جملة وتفصيلاً".
غير أنّ معلومات الجريدة الكويتية وقعت في تناقض لافت، إذ نقلت عن مصادر أمنية "تقليلها من خطورة هذه المواد"، وأشارت إلى أنّ "نيترات الأمونيوم الموجودة في مرفأ طرابلس عبارة عن مواد أسمدة تستعمل للمزروعات، وأنّ نسبة الأزوت فيها متدنية تقارب الـ 25% فيها، ما يعني أنّها ليست مواد متفجّرة بخلاف النيترات التي انفجرت في مرفأ بيروت وكانت تزيد عن الـ 34%"، لافتة إلى أنّ "هذه المواد إستوردها تجّار وحصلت على موافقة قبل تفريغها".
الجريدة الكويتية إستفاضت أكثر في معلوماتها، من غير أن تؤكّدها أيّ جهة أخرى، حيث لفتت نقلاً عن المصدر الرسمي إلى أنّ "ثمّة معلومات تفيد بأنّ بعضاً من هذه المواد كانت نقلت من مرفأ بيروت قبل وقوع الإنفجار المشؤوم، ما يعني نقل الخطر والكارثة إلى مرفأ طرابلس الذي بات رافعة المرافئ البحرية بعد توقف مرفأ العاصمة عن العمل لفترة طويلة".
هذه المعلومات أشارت ضمناً، وبشكل غير مباشر، إلى وجود إستهداف سيطال هذه المرّة مرفأ طرابلس، الذي تزايدت وتيرة عمله بشكل لافت ومضاعف خلال السّنوات الأخيرة بعد تطويره، وجعلته ركيزة أساسية في الإقتصاد الوطني، وفي نهضة وإنماء طرابلس والشّمال، وفي تعليق آمال كبيرة عليه في أن يُشكّل إحدى المنصّات الرئيسية التي ستعتمد مستقبلاً في إعادة إعمار سوريا عندما تبدأ ورشة إصلاح وإعادة تأهيل وبناء ما دمّرته الحرب فيها.
إستهداف مرفأ طرابلس جاء بعد أشهر قليلة من الإعلان عن مبادرة المرفأ بترميم وتأهيل مبنى بلدية طرابلس الذي جرى إحراقه قبل سنوات، على نفقة المرفأ الذي بات يُشكّل وفراً مالياً في إيرادته رأت إدارة المرفأ أنْ يُخصص جزء من هذا الوفر لمساعدة طرابلس وإنمائها.
ما سبق طرح أكثر من سؤال حول من يريد إستهداف مرفأ طرابلس، ولماذا، وما هي الأهداف الخلفية والفعلية لهذا الإستهداف الذي لا يبدو بريئاً، وهل يرمي هذا الإستهداف إلى ضرب مرفأ عاصمة الشّمال الذي يشهد تطوّراً دائماً، كما ضُرب مرفأ العاصمة من قبل، وبالتالي ضرب الإقتصاد الوطني في واحد من أهم مرافقه وقطاعاته؟