لحمٌ نافق في طرابلس على مسمع ومرأى "رؤية" وزير الصحّة
عبد الكافي الصمد
في الوقت الذي كان فيه وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض يجول في مدينة طرابلس، يوم الإثنين الماضي، متفقداً مشاريع تنفذها وزارته في عاصمة الشّمال في مستشفيات طرابلس الحكومي وأورانج ناسو والزهراء، كانت فضيحة مدويّة تهزّ المدينة لما اكتشفت القوى الأمنية، بالتعاون مع مواطنين، وجود أبقار نافقة أو مريضة بمنطقة أبي سمراء تذبح وتباع لحومها للمواطنين، في ظلّ غياب شبه تام لأجهزة الرقابة، وعلى رأسها وزارة الصحّة، التي كان وزيرها يجول في المدينة متفاخراً بإنجازات وزارته فيها.
فضيحة ذبح الأبقار النافقة أو المريضة وبيع لحومها بلا أيّ رقابة أو وازع إخلاقي، لم تأتِ من فراغ، فمنذ إغلاق مسلخ طرابلس القديم قبل سنوات بسبب عدم صلاحيته، وعدم تأهيله أو إنشاء مسلخ جديد بسبب خلافات حول موقعه، سادت الفوضى في طرابلس على خلفية نشوء مسالخ عشوائية عدّة فيها، بعيدة عن الرقابة الصحية، المفترض أن تكون على رأس أولويات عمل وزارة الصحّة تحديداً، منها المزرعة التي عثرت فيها القوى الأمنية، يوم الإثنين الفائت، على لحوم بقر غير صالح يتم تجهيزه تمهيداً لبيعه للمواطنين.
ومع ذلك، فقد تجاهل وزير الصحّة ما وجده أو سمعه أو رآه خلال زيارته إلى طرابلس، وقفز فوق كلّ مشاكل المدينة مع القطاع الصحّي، والمستشفيات التي باتت أغلبية سكّان المدينة غير قادرين على الدخول إليها وتلقي العلاج فيها بسبب تكلفتها الباهظة، مكتفياً بإطلاق الوعود في كل اتجاه.
فبعد اجتماعه مع مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد امام اشار الى انه استمعنا الى توجيهات سماحته حول كيفية مساعدة الطبقات الأكثر هشاشة والأكثر حاجة"، واعدا بـ"مشاريع مستقبلية لمراكز العناية الأولية، كي نستطيع من خلالها تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين".
وبعد رعايته إفتتاح مشروعين للطاقة الشّمسية في مستشفى طرابلس الحكومي ومستشفى أورانج ناسو، أشار إلى أنّه "نتطلع مع إدارة المستشفيين لتوفير خدمات أخرى ناقشنا السبل إليها اليوم"، مؤكّداً أنّ "ما يهمّنا هو أن نحافظ على مستوى الخدمات التي تقدم، بما يخدم المواطنين ويؤمن الإستمرارية كذلك".
يعرف وزير الصحّة، ضمناً، أنّ الواقع الصحّي في طرابلس والشّمال وبقية لبنان هو عكس ما يقول، وغير ما يغدقه على المواطنين من مشاريع ووعود، أغلبها لا يصل إلى خاتمته السعيدة، وأنّ إشارته إلى "رؤية" وزارته التي أطلقت من السرايا الحكومي الكبير، يوم أمس الثلاثاء، برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تحت شعار "الإستراتيجية الوطنية للقطاع الصحّي - رؤية 2030"، ينقصها الكثير من الواقعية والمصداقية والشفافية. فأيّ "رؤية" صحيّة يمكن التطلع لها والوصول إليها إذا كان المواطن لا يجد القدرة على دخول مستشفى أو الحصول على حبّة دواء، وأيّ "رؤية" يمكن أن تتحقق إذا كان وزير الصحّة ـ إياه ـ متهماً بمسايرة "كارتيل" الأدوية ومستوردي حليب الأطفال، ومساعدتهم في تحقيق أرباح على حساب جيل أبصر النّور للتّو.