ماذا بعد رفح؟
مرسال الترسارتفع في الأيام الماضية منسوب الأحاديث المتفائلة عن احتمال التوصل الى هدنة، أو وقف مؤقت لإطلاق النار، أو ربما تسوية في قطاع غزة، تكون مقدمة لوقف الحرب والبدء بمحادثات تفضي الى حل يتضمن "دولتين" على أرض فلسطين التي اغتصبتها المنظمات الصهيونية في العام 1948 بغض طرف - أو فلنقل - بتواطؤ من الانتداب البريطاني.
ولكن تاريخ المفاوضات مع حكام دولة اسرائيل كان ينتهي الى تقويضها، لأن مخططات بني صهيون قائمة على التوسع حتى تحقيق حلم "اسرائيل الكبرى" التي تمتد من الفرات الى النيل، وإذا صدف وسجّل أي مسؤول اسرائيلي تراجعاً ما، كان يتم اسقاطه في الانتخابات، أو إزاحته بالاغتيال كما حصل مع رئيس الوزراء السابق اسحاق رابين عندما أُطلق عليه الرصاص بين حراسه وسط تل ابيب عام 1995.
وها هي الحكومات الاسرائيلية قد فرّغت اتفاقات كامب داءفيد من محتواها، وبعدها اتفاقات أوسلو، واستطردت في بناء عشرات الآف المستوطنات على الأراضي الفلسطينية بعد مصادرتها بالقوة من أصحابها، فلماذا اليوم ستقبل بحل يتضمن قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل؟ في حين أنها تتلقى عشرات الآف المليارات من الولايات المتحدة الأميركية التي ترفدها بالآف الاطنان من القنابل والصواريخ والذخائر (ويوم الأثنين الماضي في مطلع هذا الأسبوع أقر الكونغرس الأميركي 95 مليار دولار لاسرائيل وأوكرانيا) هذا عدا عما سبق وعما سيتبع، ناهيك عن قرارات الفيتو في مجلس الأمن الدولي لصالح القدس المحتلة.
والواضح أنه مع هضم العالم ما يقوم به جيش العدو في قطاع غزة من إبادة وتدمير، فإنه بعد تنفيذ مخطط رفح باتجاه سيناء، سيكون هناك تهجير لفلسطينيي الضفة الغربية، ولاحقاً فلسطينيي الـ 48 وصولاً الى "المسجد الأقصى" الذي يجب أن يختفي وفق معتقدات اليهود في الكيان الاسرائيلي.
في العام 1968 وبعد "حرب النكسة" في العام 1967 غنّت السيدة فيروز "سافرت القضية" لتقول فيها: "إن القضية الفلسطينية سافرت الى الامم المتحدة لعرضها بحضور جميع الامم وفي حين كانت الرياح تقتلع الخيام والبائسون يفتشون عن بلد وسط بكاء وظلام قرّر المجتمعون ان حلاً ما في طريق الحل".
وبعد عام تم منع بث الأغنية في حين ان المنظمة الدولية وبعد ستٍ وخمسين عاماً لم تعد تبحث عن ذلك الحل بل فوّضت أمرها للولايات المتحدة الأميركية لكي تتخذ قرارات النقض (الفيتو) ضد أي قرار لوقف النار لا يلائم المصالح الاسرائيلية.
وبالتالي لا يمكن أن بنقذ رفح الاّ عملية "طوفان أقصى" أخرى تعيد تصويب القضية. فهل بقي من يجرؤ؟