طرابلس بين التفاعل مع غزة والتفرج عليها!
25 كانون الثاني 2024

طرابلس بين التفاعل مع غزة والتفرج عليها!

مرسال الترس

يُجمع العديد من االمراقبين على أن عاصمة الشمال تعيش منذ مئة وعشرة أيام حالاً من الإنفصام بين كيفية التفاعل مع الحرب المدمرة على قطاع غزة، وبين الوقوف متفرجة على ما يحصل بطريقة غير مسبوقة من تاريخها، مصحوبة بإستثناءات لا تبدو الاّ وكأنها هروب إلى الأمام ليس أكثر.
فمدينة طرابلس التي عُرف عنها تاريخياً بأنها تلبي نداء نصرة المظلوم أينما كان على مساحة الكرة الأرضية، تحولت في العام 2023 إلى "شاهد ما شفش حاجة" في وقت يتعرض أهل غزة للإبادة الجماعية بإعتراف ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة!
فمنذ إعلان دولة "لبنان الكبير" في العام 1920 وتالياً الإستقلال في العام 1943 لم يتأخر أبناء الفيحاء عن الخروج إلى الشوارع في التظاهرات الصاخبة نصرة لأهالي الجزائر في مواجهة المستعمر الفرنسي، أو أهالي ليبيا في مواجهة المستعمر الإيطالي أو أهالي كوبا ضد الغطرسة الأميريكية...وصولاً الى القضية الفلسطينية في مواجهة المغتصب الصهيوني واللائحة تطول.
ولم يكتف أبناؤها بالدعم اللفظي بل كانوا يبادرون إلى شد الرحال بإتجاه أرض الظلم كي يدعموا المظلومين أينما كانوا إضافة إلى دعمهم بكل الوسائل المتاحة.
ولكن منذ السابع من تشرين الأول عام 2023 عندما إنطلقت عملية "طوفان الأقصى" إنتقاماً لما تقوم به قوات الإحتلال ضد ثاني القبلتين وثالث الحرمين، ورفضاً للحصار الذي تمارسه على القطاع منذ سنوات.
وقفت عاصمة لبنان الثانية إلى جانب المتفرجين من دول العالمين الغربي والعربي بإستثناء بعض التظاهرات الخجولة، وإستشهاد بعض الأنفار من أبنائها في الجنوب اللبناني أثناء مرافقتهم أحد مسؤولي حركة "حماس" في لبنان، وما عدا ذلك فلا حياة لمن تنادي!

بعض الأوساط المراقبة والمتابعة تُرجع ذلك "التخاذل" إلى الأوضاع الإقتصادية الصعبة جداً في لبنان منذ العام 2019 ، فيما يُرجع آخرون الأمر إلى فقدان المدينة لقادة يحثون الشعب على التحرك، بينما يذهب فريق ثالث إلى رمي الكرة في ملعب حزب الله، وما يُقال عن "قميص الخلاف السني - الشيعي"، في حين أن الحزب قد خسر حتى الآن أكثر من مئتي شهيد تحت راية "على طريق القدس"!

ولكن الذين يعرفون تاريخ المدينة جيداً يدركون أن لتلك الأسباب وسواها بعض المسؤولية ولكن هناك معطيات أعمق من ذلك بكثير، وتتمحور حول عدم وجود قادة يتحملون مسؤولياتهم الوطنية والقومية، ولا يتوقفون عند مصالحهم الشخصية والفئوية متجاهلين أن سقوط غزة وإندثار القطاع سيمثلان دور "الثور الأبيض" الذي تم ذبحه ليكون المدخل الى ذبح باقي الأفرقاء مهما علا شأنهم ومكانتهم في العالم العربي على التوالي!

Add to Home screen
This app can be installed in your home screen