تحوّل جنبلاط يُمهّد طريق فرنجيّة إلى قصر بعبدا؟
عبد الكافي الصمدوأخيراً نطق بها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، عندما أكّد في حديث إلى جريدة "الأخبار"، الأربعاء 24 كانون الثاني (يناير) الجاري، أنّه لا مشكلة لديه "بالسير في انتخاب سليمان فرنجية أو غيره" رئيساً للجمهورية، وهي المرّة الأولى التي يُصرّح جنبلاط بهذه الصراحة معلناً قبوله إنتخاب فرنجية، بعد فترة إعتراض طويلة عليه إمتدت منذ الفراغ في كرسي الرئاسة الأولى في 31 تشرين الأوّل من العام 2022، وبعد 12 جلسة إنتخاب عقدها المجلس النيابي لم تثمر عن أيّ نتيجة.
هذا التحوّل الجنبلاطي الذي من شأنه قلب الموازين وحسابات السياسة وحسابات الأصوات لمصلحة فرنجية لم يأتِ من فراغ.
فبعدما تيقن زعيم المختارة أنّ تحالفه مع المعارضة سيبقى يدور في حلقة مفرغة منذ تبني ترشيح النائب ميشال معوض وبعده وزير المالية السّابق جهاد أزعور، ما جعله يصل إلى خلاصة أنّه "منذ عامين نراوح مكاننا وننتظر إتفاق المسيحيين.
بالنسبة إليّ، لا موقف شخصياً لي من أحد أسير بأيّ كان لملء المنصب"، وهو الموقف نفسه الذي قاله رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، حليف جنبلاط الأبرز، من أنّ مشكلة الرئاسة الأولى هي عند المسيحيين بالدرجة الأولى، وليس عند أيّ أحد غيرهم.
إقتراب جنبلاط من تبنّي ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية سبقه خطوات تقارب عدّة في الآونة الأخيرة بين بنشعي والمختارة، بدأت في لقاء النائبين تيمور جنبلاط وطوني فرنجية في 19 كانون الأول الماضي، أعقبه بأيّام قليلة زيارة جنبلاط الإبن على رأس وفد من اللقاء الديمقراطي إلى بنشعي ولقائه فرنجية الأب في 26 من الشهر ذاته، إلى أن تكلل هذا التقارب في لقاء جمع الزعيمين فرنجية وجنبلاط في منزل آل جنبلاط في كليمنصو، في 15 كانون الثاني الجاري، جرى تغليفه بأنّه لقاء عائلي، لكنّ مضمونه كان رئاسياً بامتياز.
تقارب جنبلاط ـ فرنجية رافقه تقارب بين الزعيم الدرزي والمحور الحليف والداعم للزعيم الزغرتاوي، عندما أكّد جنبلاط أنّ "التنسيق قائم مع حزب الله"، وموضحاً أنّ "العلاقة مع إيران جيدة.
ولبّيت دعوة عشاء في السفارة الإيرانية قبل يومين"، قبل أن يُضيف أن اللجنة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، وعلى رأسه الاستحقاق الرئاسي، تحتاج إلى "دوزنة"، في إشارة غير مباشرة من جنبلاط إلى ضرورة إنضمام إيران إلى اللجنة الخماسية التي تضم السّعودية ومصر وقطر وفرنسا والولايات المتحدة كي تصل مساعي اللجنة إلى غاياتها المنشودة، وإلّا ستبقى أيضاً تراوح مكانها.
هذا التحوّل الجنبلاطي هل هو مؤشّر إلى اقتراب ولادة تسوية إقليمية ـ دولية تُمهّد الطريق أمام فرنجية نحو قصر بعبدا، خصوصاً أنّ "أنتينات" الزعيم الدرزي مشهور عنها قدرتها على التقاط التحوّلات في المنطقة قبل الآخرين؟
هناك أجواء إيجابية يشيعها كثيرون داخل لبنان تشير إلى ذلك، وهي ليست قليلة، بالرغم من أن قرار إنتخاب رئيس للجمهورية لم يكن في يوم من الأيّام قراراً داخلياً لبنانياً، بل ترجمة للتوافق الخارجي، وتطبيقاً لـ"كلمة سرّ" تأتي عندما تنضج الطبخة الرئاسية في المطبخ الإقليمي والدولي.