تأملات حول طوفان الأقصى والجبهات المساندة ( الحلقة الأولى)
بقلم الأستاذ ناصر الظنطتجاوز العدوان على غزة الأبية المئة يوم ولكن مشاهد الصمود والثبات والبسالة استمرت لتكون العنوان الأبرز لهذه الملحمة المجيدة في الصراع مع العدو الصهيوني المجرم والذي يستمر في حرب الإبادة الجماعية والمجازر والتدمير رغم ادعاءات المسؤولين الأميركيين و الصهاينة عن مرحلة رابعة أقل حدة من السابق ، ولكن الواقع يكذب تلك الادعاءات حيث أن عدد الشهداء المدنيين تراوح في الأيام الثلاثة الماضية بين ١٥٨ و163 و ١٧٤ فضلا عن الجرحى والمفقودين.
ناهيك عن استمرار المواجهات في أغلب نواحي القطاع من الشمال إلى الوسط والجنوب مع ضراوة شديدة في خانيونس ومحيطها ، ولعله من المفيد الوقوف ملياً أمام أصناف المواجهة القائمة ، عسكرياً ومدنياً وطبياً وغذائياً و اعلامياً وغير ذلك مما يحتاج إلى حلقات عديدة بإذن الله .
وحيث ان طوفان الأقصى المبارك كان دافعاً لاشتعال جبهات عديدة من لبنان إلى اليمن والعراق والضفة طبعاً ، تلك المواجهات الكبيرة التي باتت تشتد يوماً بعد يوم مما يدفع للنظر والبحث حول امكانية إتساعها ولا سيما على جبهة الجنوب اللبناني على أثر التهويلات والتصريحات والتهديدات والرسائل النارية منها تارة والديبلوماسية تارة أخرى .
فبالرغم من كثرة التصريحات الاسرائيلية والأميركية عن رغبتهم بعدم فتح الجبهة مع لبنان على مصراعيها نرى الممارسات على الأرض معاكسة تماما لذلك ،ولاسيما عند اغتيال العميد في الحرس الثوري الاسلامي رضي الموسوي وثم الشيخ القائد العاروري و رفاقه و في الضاحية الجنوبية لبيروت وكذلك القائد الجهادي وسام الطويل (الحاج جواد) وترافق ذلك مع توسيع دائرة القصف التدميري ولا سيما عبر الطائرات الحربية الصهيونية.
هذا التصعيد الكبير استدعى ردوداً قوية ونوعية موجعة ومباشرةودون تأجيل،
فجملة الاحتفاظ بحق الرد في الوقت المناسب غير موجودة في قاموس المقاومة الاسلامية.
و مع عدم نكراننا لما يمتلكه الكيان المؤقت من قدرات إجرامية كبيرة في مجال التدمير والقتل العشوائي أو القدرة على الاغتيالات النوعية أيضا ً،و هو الأمر الذي يحمل عدة دلالات إما بهدف تصعيد المواجهة وتوسيعها أو من أجل رفع معنويات الداخل الصهيوني عبر اظهار القوة والقدرة ، خاصة مع إرسال التهديد والوعيد، ونشير هنا إلى تسريبات سابقة عن اغراءات للمقاومة وفريقها لتحييدها عن المواجهة عبر الوعود بتمرير الانتخابات الرئاسية بما يناسبها مع تسهيلات اقتصادية وخدماتية وغير ذلك ،
أما حالياً فالرسائل باتت ترهيبية، ولكن الموقف كان و مازال حاسماً بأن جبهة المساندة والدعم للمقاومة الباسلة في غزة ولشعب فلسطين العزيز والتي بادرت إليها المقاومة الإسلامية لم ولن تقفل إلا بعد وقف العدوان على غزة ، وها هي المقاومة تزف شهداءها بفخر واعتزاز حتى تجاوزوا المئة والتسعين شهيداً من الأقمار المنيرة وكل الشهداء في طوفان الأقصى وعلى طريق القدس وفي كل الساحات أقماراً نعتز بهم وبأهاليهم الصابرين المحتسبين .
ولا بد من الإشارة إلى أن خيار الدعم والمساندة لغزة ولمقاومتها الباسلة ينال تأييداً شعبياً كبيراً لاسيما في البيئة الحاضنة وهذا ما يتجلى في جنائز تشييع الشهداء والتي غالباً ما تتحول إلى مظاهرات حاشدة حتى في القرى الحدودية، ناهيك عن موقف أهالي الشهداء وعوائلهم الشريفة سواء كانوا مقاومين مجاهدين ام اعلاميين و دفاع مدني أم كشفيين ام مدنيين ،وكذلك موقف أهالي القرى المستهدفة بالقصف والعدوان، دون أن ننسى التناغم القائم مع الجهات الرسمية ولا سيما رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة الذي وصف لبنان بالبلد المقاوم ، كل من موقعه، وكذلك عبر اعلانه أمام مجلس الوزراء أنه قد أبلغ جميع المعنيين بأن الحديث عن تهدئة في لبنان فقط امر غير منطقي ، وانطلاقاً من عروبتنا ومبادئنا، نطالب بأن يصار في أسرع وقت ممكن إلى وقف إطلاق النار في غزة بالتوازي مع وقف إطلاق نار جدي في لبنان ، مضيفاً نحن لا نقبل بأن يكون اخوة لنا يتعرضون للإبادة الجماعية والتدمير ونحن نبحث فقط عن اتفاق خاص مع أحد.
"نكتة بري"
أما رئيس مجلس النواب فقد قال للمبعوث الأميركي هوكشتاين عندما طالبه بابتعاد حزب الله مسافة سبعة كلم كي يقبل المستوطنون بالعودة إلى شمال فلسطين أجابه الرئيس بري : اسهل جبلك الليطاني عالحدود من انو يرجع الحزب للنهر.
نعم التهديد قائم والقيادة الصهيونية الحالية متخبطة ومضروبة على رأسها ،
وما يحكمهاهو رد الفعل والاستعلاء والعنجهية والرغبة بالانتقام ،صحيح أنها مردوعة وخائفة مما أعدته المقاومة الاسلامية في لبنان من رماة ماهرين ومجاهدين أشداء يتمتعون بالعلم والتخطيط والتقنية والعدة والعديد ، لكن مع هذه القيادة الصهيونية المجرمة والحمقاء تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، علماً ان مستوطني شمال فلسطين المحتلة يقولون بأنهم ما زالوا أحياء فقط لأن حزب الله لم يقرر قتلهم بعد ( ما بقي منهم وهم قلة طبعاً ) ناهيك عن انقطاع الكهرباء عنهم أحياناً بسبب قصف المقاومة وقد راحوا يدفنون قتلاهم ليلاً و سراً خوفاً من المجاهدين الذين يصطادونهم كالبط كما يقولون .
إنها المعادلات الجديدة والعدو في أزمة خانقة فهو لا يستطيع اعادة المستوطنين إلى المناطق المحاذية لغزة او لبنان وهو بنفس الوقت خائف ومربك ومعه أميركا ناهیك عن عجزه عن القبول بالهزيمة النكراء.
فأمريكا و اسرائيل يعتبران القبول بوقف اطلاق النار في غزة هزيمة لهم و انتصار لحماس و للمقاومة .
لذلك يبقى احتمال ارتكاب العدو لمزيد من الحماقات قائماً،
لكننا بحول الله تعالى نثق بالمقاومة ومجاهديها العازمون على الثبات والصمود والمواجهة حتى النصر او الشهادة.
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.